للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

آداب بيع التقسيط

٣-١ من لا يبيع إلا بالتقسيط:

إن بعض العلماء لدى بحثهم في بيع العينة وصوره، ذكروا أن للعينة صورًا منها أن يكون عند الرجل المتاع، فلا يبيعه إلا نسيئة، ونص الإمام أحمد على كراهة ذلك، فقال: العينة أن يكون عنده المتاع فلا يبيعه إلا بنسيئة، فإن باع بنسيئة ونقد فلا بأس.

وقال أيضا: أكره للرجل أن لا يكون له تجارة غير العينة، فلا يبيع بنقد.

قال ابن عقيل: إنما كره ذلك لمضارعته الربا، فإن البائع بنسيئة يقصد الزيادة غالبا.

وعلله ابن تيمية بأنه يدخل في بيع المضطر، فإن غالب من يشتري بنسيئة إنما يكون لتعذر النقد عليه، فإذا كان الرجل لا يبيع إلا بنسيئة، كان ربحه على أهل الضرورة والحاجة وإذا باع بنقد ونسيئة كان تاجرًا من التجار (تهذيب السنن لابن القيم بهامش عون المعبود ٩/٣٤٧، والمغني مع الشرح الكبير لابن القدامة ٤/٤٥) .

وتعليقًا على هذا أقول: إنه كان قصد التاجر من البيع بالنسيئة هو بيع العينة أو بيوع الآجال (أي الحيل الربوية) فلا أشك في أن هذا مكروه، بل حرام، ديانة وقضاء.

لكن إن كان التاجر يبيع بالأجل، دون أن يتخذ هذا ذريعة إلى بيوع الآجال (= العينة) ، أو إلى خصم الأوراق التجارية في المصارف وما شابهه، فهذا مباح حتى ولو لم يبع إلا بالأجل والتقسيط، وحتى لو قصد الزيادة لأجل الأجل، أي خلافًا لابن عقيل، وسواء كان الشاري غنيًا أو فقيرًا لكن لو خفف البائع عن الفقير في الثمن، فهذا مستحب يثاب عليه.

وربما يحسن حمل كلام العلماء على هذا المعنى الذي ذكرناه، لا سيما وأنه ذكر بمناسبة الكلام عن صور بيع العينة ولا يحسن تسمية بيع الأجل بيع العينة، لأن بيع الأجل جائز وبيع العينة حرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>