للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان هناك مشروع يدر دفعة من الربح بعد ٥ سنوات مقدارها ١٠٠٠، ودفعة بعد ٦ سنوات مقدارها ١٠٠٠، ودفعة بعد ٧ سنوات مقدارها ١٠٠٠، فلا يمكن القول علميًّا بأن مجموع دفعات الأرباح هو: ١٠٠٠ + ١٠٠٠ + ١٠٠٠ = ٣٠٠٠ ذلك بأن كل دفعة مختلفة في الزمن (= التاريخ) ، وقد قرر علماؤنا المسلمون أن الدفعة المعجلة أكبر من المؤجلة، إذا تساوتا في القيمة الاسمية.

ولو كان لجمع دفعات مختلفة في الآجال معنى، لكان في جمع وحدات البرتقال ووحدات الباذنجان ووحدات البطيخ معنى.

إننا عندما نجمع الكسور، نحتاج إلى توحيد مخارجها (= مقاماتها) ، فكذلك عند جمع مبالغ مؤرخة (= مختلفة التواريخ، أو الآجال) نحتاج إلى أساس لتوحيد قيمتها في زمن واحد، هو زمن اتخاذ القرار الإداري أو الاقتصادي، هذا الأساس هو ما نحتاج فيه إلى مفهوم الربا الحلال، مع ملاحظة أن الربا هو حلال في البيوع المؤجلة، وتقويم المشروعات، ولكنه حرام بالطبع في القروض وما قاربها.

والخلاصة فإن مفهوم الربا الحلال يشكل أداة مهمة من الأدوات التي يعتمد عليها اليوم في تقويم المشروعات من أجل المفاضلة بينها واختيار المشروع الأكفأ (= الأجدى) ، فلابد من عدم التردد في إظهار هذه الأداة، وهي متوافقة تمامًا مع روح الشرع ومقاصده ونصوصه، كما أثبتنا، والباحثون العلميون لا يهتمون بما قد يقع من تحريف المبطلين، أو تزييف الجاهلين، ولكنهم يحرصون بالتأكيد على أن يوضع كل شيء في موضعه، بدون تعَدٍّ ولا تجاوز ولا تقصير.

١٠-٦ أهمية هذه المبادئ في إعادة صياغة المناهج والكتب الدراسية:

اطلعت على بعض المؤلفات في الاقتصاد، أوالاقتصاد الهندسي، أو الإدارة المالية، أو الرياضيات المالية والتجارية، في محاولة من مؤلفيها لإدخال بعض المضامين الإسلامية، على تفاوت بينهم في درجة الفاعلية والجدية فبعض هذه الإدخالات تزييني سطحي غير مؤثر في روح الكتاب ولا في سائر أجزائه، أي لا ينبني عليه أي تغيير حقيقي.

ولما كانت هذه المضامين ناقصة، أو مغلوطة، أو غير فاعلة، لذلك فإني أوصي القائمين على أمر مناهج الدراسة الجامعية والثانوية التجارية، لا سيما في المملكة العربية السعودية، كما أوصي المؤلفين، بإعادة النظر في مدخلاتهم الإسلامية، في ضوء النتائج التي توصلنا إليها في هذه الدراسة والدراسات السابقة، فيما يتعلق بنظرية الربا في الإسلام، وتوابعها المهمة في القروض والبيوع وتقويم المشروعات مع ما لهذا من تأثير علمي وعملي، في النظريات وفي التمرينات والمسائل والمناقشات، والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>