للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: قال الخطابي هو أن يشتري شخص من آخر صاع حنطة بدينار سلمًا إلى شهر وعندما يحل الأجل يطالب البائع المشتري بالحنطة، فيقول له المشتري بعني الصاع الذي لك علي بصاعين إلى شهرين، فهذا بيع ثان قد دخل على البيع الأول فيردان إلى أوكسهما وهو الأول (١) .

الرابع: فسره سماك راوي حديث ابن مسعود بأن يبيع رجل سلعة من السلع نقدًا بكذا ونسيئة بأكثر من سعر النقد، وهذا التفسير هو ما جنح إليه بعض السلف، وإن بين المتبايعان أحد الثمنين قبل الافتراق، كأن يقول شخص لآخر بعتك هذا الشيء نقدًا بعشرين دينارًا ونسيئة لمدة أربعة أشهر بخمسة وعشرين دينارًا، فيقول المشتري قبلته نسيئة بخمسة وعشرين دينارًا.

وهؤلاء قالوا بحرمة الزيادة في البيع بالنسيئة عن سعر يومها، منهم زين العابدين علي بن الحسين والناصر والمنصور بالله والهادوية والإمام يحيى (٢) ، وقال الصنعاني: علة النهي لزوم الربا عند من يمنع بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء (٣) ، وقال الشيخ أمجد الزهاوي، رحمه الله: هو رأي بعض أهل الحديث، حيث يرون الزيادة اعتياضًا عن الأجل (٤) .

الخامس: فسر أكثر العلماء الحديث بالتفسير السابق ولكن بافتراق المتبايعين على الإبهام بين السعرين، كأن يقول البائع بعتك هذه الحاجة نقدًا بألف دينار ونسيئة بألف ومائتي دينار لمدة سنة ويفترقان دون تحديد أحد البيعين وأحد السعرين، فهذا البيع فاسد عند جمهور الفقهاء لجهالة الثمن لا لحرمة البيع نسيئة بأعلى من سعر يومه، فقد نقل ابن الرفعة عن القاضي أن المسالة مفروضة على أن المشتري قبل على الإبهام، أما لو قال قبلت بألف نقدًا أو قال قبلت بألف ومائتين نسيئة صح البيع (٥) .

وفيما يلي أقوال لقسم من فقهاء المذاهب الذين نحوا هذا المنحى في توجيه الحديث ورأوا أنه على تقدير افتراق المتبايعين على الإبهام، لا في عدم جواز زيادة السعر في البيع بالنسيئة عن سعر البيع بالنقد.


(١) عون المعبود: ٩/٣٤٤.
(٢) نيل الأوطار: ٥/١٦٢.
(٣) سبل السلام شرح بلوغ المرام: ٣/٢٠
(٤) الفتاوى الزهاوية: ٢/١٧، جمع الشيخ حسن العاني.
(٥) نيل الأوطار: ٥/١٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>