للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن قدامة: وقد روي في تفسير بيعتين في بيعة وجه آخر، وهو أن يقول بعتك هذا بعشرة نقدًا وبخمسة عشر نسيئة، هكذا فسره مالك والثوري وإسحاق وهو باطل عند الجمهور، لأنه لم يجزم له ببيع واحد فأشبه ما لو قال: بعتك هذا وهذا ن ولأن الثمن مجهول (١) .

وقال صاحب التاج الشيخ منصور علي ناصف إن الحديث فيه للعلماء خلاف كثير. . ومنه أن يقول أبيعك هذا الثوب بعشرة نقدًا وبعشرين نسيئة ويفترقان بغير اختيار لإحدى البيعتين، وهذا باطل للجهل بما وقع عليه العقد، فإن اختار المشتري أحدهما صح على رأي الجمهور القائل بجواز البيع بأكثر من ثمن اليوم نظرًا للتأخير (٢) .

أما ابن حزم الظاهري فيفسر الحديث بعده معانٍ منها البيع نسيئة بسعر أعلى من سعر النقد، ويرى حرمته إذا يقول ما نصه: لا يحل بيعان في بيعة مثل أبيعك سلعتي بدينارين على أن تعطيني بالدينارين كذا وكذا درهمًا. . ومثل أبيعك سلعتي هذه بدينارين نقدًا أو بثلاثة نسيئة. . . فهذا كله حرام مفسوخ أبدًا محكوم فيه بحكم الغصب، برهان ذلك ما رويناه من طريق ابن أصبغ. . . عن ابن عمر، قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة)) .

أما الحديث الثاني الذي رواه ابن مسعود، وهو ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصفقتين في صفقة واحدة)) فقد فسره سماك – راوي الحديث – بما فسر به حديث النهي عن بيعتين في بيعة الذي مر معنا، أي أن يبيع رجل البيع فيقول هو بنسأ بكذا وهو بنقد بكذا وكذا، كما جاء في التفسير الملحق بنص الحديث الذي رواه الإمام أحمد كما تقدم (٣) .

وفسره أبو عبيد القاسم بن سلام – أحد رواة الحديث – بأن يقول الرجل أبيعك نقدًا بكذا ونسيئة بكذا ويفترقان عليه – أي دون أن يفترقا على تحديد أي من السعرين (٤) – وبهذا التفسير فسره شريك – أحد رواة الحديث أيضا – كما روى عنه أسود بن عامر (٥) ، وهذا التفسير - هو تفسير أكثر العلماء لحديث النهي عن البيعتين في بيعة كما مر معنا.


(١) المغني: ٤/١٧٧.
(٢) غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول بهامش التاج: ٢/١٨٨، ١٨٩.
(٣) راجع نص الحديث.
(٤) شرح فتح القدير: ٥/٢١٨.
(٥) البناية شرح الهداية: ٦/٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>