للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفسره صاحب الهداية – من الحنفية – بما يكون فيه شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة لأحد المتعاقدين، كأن يبيع شخص دارًا ويشترط أن يسكنها شهرًا أو أن يقرضه المشتري مقدارًا من المال لورود نهي خاص عن بعضها، وهو نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف – أي قرض- ولأنه لو كانت الخدمة والسكنى يقابلهما شيء من الثمن – بأن يعتبر لمسمى ثمنًا بإزاء المبيع وبإزاء أجرة الخدمة والسكنى – يكون إجارة في بيع وإن كان لا يقابلهما يكون إعارة في بيع – ثم قال – وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة (١) .

وذهب ابن الهمام إلى أن معنى هذا الحديث أعم من معنى حديث النهي عن بيعتين في بيعة، هو يشمل كل عقدين جمع بينهما في عقد واحد، أما حديث البيعتين فهو في خصوص من الصفقات وهو البيع (٢) .

أما الحديث الثالث الذي رواه أبو داود المروي عن أبي هريرة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا)) ، قال الخطابي في معناه: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بظاهر الحديث، أو صحح البيع بأوكس الثمنين إلا شيئا يحكى عن الأوزاعي وهو مذهب فاسد لما يتضمنه هذا العقد من التغرير والجهل، وقال: الرواية على الوجه الذي ذكره أبو داود يشبه أن يكون ذلك في حكومة في شيء بعينه، كأن يسلف شخص غيره دينارًا في قفيز بر إلى شهر، فإذا طالبه الأول بالبر عند حلول الأجل قال له الثاني: بعني القفيز الذي لك علي بقفيزين إلى شهرين، فهذا بيع ثانٍ وقد دخل في البيع الأول فصار بيعتين في بيعة فيرد إلى أوكسهما أي أنقصهما وهو الأصل، فإن تبايعا البيع الثاني قبل أن يتبايعا البيع الأول كانا مربيَّيْن.

وقد نقل هذا التفسير الإمام ابن الأثير في النهاية وابن رسلان في شرح السنن (٣) .

أما ابن القيم فقد فسر الحديث والحديث السابق بما فسر به الحديث الأول الذي تم إيضاحه في الفقرة الثانية عند عرضنا آراء العلماء في معنى الحديث.

وقال: الحديث منزل على العينة بعينها، وقال: قال شيخنا: - يعني ابن تيمية – لأنه بيعان في بيع واحد فأوكسهما الثمن الحالّ، وإن أخذ بالأكثر وهو المؤجل أخذ الربا (٤) .


(١) الهداية مع شرح فتح القدير: ٥/٢١٧، ٢١٨.
(٢) شرح فتح القدير: ٥/٢١٨، الموسوعة الفقهية: ٦/٢٢٦، ٢٧٢
(٣) عون المعبود شرح سنن أبي داود: ٩/٣٣٢.
(٤) المصدر السابق: ٩/٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>