هذه المسألة الدقيقة في الفقه والاقتصاد ولعل مناقشة هذه المسألة، في نظري، قبل أن يناقش المجمع مسألة تفسير جواز الزيادة في البيع المؤجل هي مناقشة قبل الأوان، ولعل سبب ذلك أن الأخ الدكتور السالوس لدى عرضه وتلخيصه لبحوث بيع التقسيط كان مائلًا قليلًا إلى تلخيص ورقته دون استيعاب كل المسائل التي وردت في البحوث الأخرى، ومنها أن الموضوع متصل بشعب ثلاث: القرض، وبيع التقسيط، وبمسألة اقتصادية على غاية الأهمية هي تقويم المشروعات، وهذه المسألة الأخيرة قد يكون للمجمع عذر في عدم مناقشتها لأنها تحتاج إلى ندوة اقتصادية تدرسها قبل عرضها على المجمع، وأريد أن أبين نقطة مهمة جدًّا، أيضا، وهي أن الزيادة في مقابل الزمن ليست دائما ربا حرامًا، وقد أكثرت من النقول في بحثي في خصوص هذه النقطة من مختلف المذاهب الفقهية الأربعة وغيرها من الزيدية والمعتزلة وغيرها، من الزيدية والمعتزلة وغيرها، وأرى أنه يجب أن تدرس هذه النقول دراسة وافية قبل التسرع في إصدار فتوى تحرم " ضع وتعجل ".
إن بيع الأجل الذي أجاز فيه جمهور الفقهاء الزيادة للتأجيل أي للزمن، فإذا اتفقنا مع الجمهور في إجازة هذا فمن المناسب أن نجيز " ضع وتعجل " طالما أن العلاقة ثنائية بين المتبايعين، وهناك فرق واضح في الحكم الشرعي بين " ضع وتعجل " في العلاقة الثنائية بين المتبايعين وبين الخصم المصرفي الذي يتخوف منه بعض الإخوة، فأنا لا أشك في أن الخصم المصرفي الذي يدخل فيه وسيط ثالث وهو المصرف، هذا الخصم المصرفي، هو من قبيل ربا النسيئة المحرم، ولكن " ضع وتعجل " بين المتبايعين إذا كنا قد أجزنا فيه عند البداية أن نزيد للتأجيل فمن المعقول جدًا أن نضع للتعجيل وإلا فإننا لا نستطيع أن نفسر تفسيرًا منسجمًا المسألتين مسألة الزيادة للتأجيل في البيوع ومسألة الحطيطة للتعجيل في البيوع، فأنا أقترح على المجمع أن ينظر في مسألة على غاية الأهمية فلا يكفينا أن نقول: إن الزيادة في البيع المؤجل جائزة، فحسب، بل يجب أن نفسر هذه الزيادة لماذا جازت؟ إنها جازت، في نظري، للزمن، فإذن يجب أن نتفق على هذا قبل أن نمضي في مسألة:((ضع وتعجل)) .
إن الزيادة في مقابل الزمن، أقول: إنها ربا، ولكن ليس كل ربا حرامًا في الإسلام، وقد بينت هذا بوضوح في بحثي فأرجو منكم قبل النظر في موضوعنا أن نتفق على تفسير لجواز الزيادة في البيع المؤجل قبل الانتقال إلى هذه المسألة المهمة، وشكرًا.