للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨- عن ابن عمر قال: كانوا يتبايعون الطعام جزافًا بأعلى السوق فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه (١)

٩- عن حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول الله. إني أشتري بيوعًا فما يحل لي منها وما يحرم علي؟ قال: ((فإذا اشتريت بيعًا فلا تبعه حتى تقبضه)) (٢)

١٠- عن ابن عمر قال: ابتعت زيتًا في السوق فلما استوجبته لنفسي لقيني رجل فأعطاني به ربحًا حسنًا فأردت أن اضرب على يده فاخذ رجل من خلفي بذراعي فالتفت، فإذا زيد بن ثابت فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك، ((فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم)) . (٣)

ما يستفاد من الأحاديث:

تدل هذه الأحاديث على نهي من اشترى طعامًا أن يبيعه قبل قبضه، سواء أكان الطعام معينًا، بأن اشتراه جزافًا، أم غير معين بأن اشتراه على الكيل أو الوزن، وذلك لأن بعض الأحاديث ذكر فيها الطعام مطلقًا، وهي أكثر الأحاديث، وكلها متفق على صحتها، وبعضها ذكر فيه مقيدًا بالجزاف، وهو حديث ابن عمر المتفق على صحته أيضا، وفي حديث آخر لابن عمر جاء الطعام مقيدًا بالكيل، وفي حديث له أيضًا جاء مقيدًا بالكيل والوزن، وهذان الحديثان مقبولان أيضًا، وإن كانا دون مرتبة الأحاديث المطلقة والمقيدة بالجزاف، فمن أجل هذا أخذنا بها جميعا.


(١) رواه الجماعة إلاَّ الترمذي وابن ماجه: منتقى الأخبار: ٥/٢٦٥، والحديث في البخاري بلفظ: عن سالم عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى يؤوه إلى رحالهم: صحيح البخاري: ٣/٦٨، وفي مسلم بلفظ: سالم بن عبد الله أن أباه قال: قد رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ابتاعوا الطعام جزافًا يضربون في أن يبيعوه في مكانهم، وذلك حتى يؤوه إلى رحالهم، قال ابن شهاب، وحدثني عبيد الله بن عبد الله بن عمر: أن أباه كان يشتري الطعام جزافًا فيحمله إلى أهله، وفي رواية لمسلم عن سالم عن ابن عمر أنهم كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعامًا جزافًا أن يبيعوه في مكانه حتى يحولوه، وفي رواية ثالثة له: عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى طعامًا فلا يبيعه حتى يستوفيه، قال وكنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه: صحيح مسلم: ١/١٧٠.
(٢) رواه أحمد، وأخرجه أيضًا الطبراني في الكبير، المسند: ٣/٤٠٢، ومنتقى الأخبار: ٥/٢٥٦، وفيه "شيئًا" بدل "بيعًا" ونيل الأوطار: ٥/٢٥٦، وقال الشوكاني: في إسناد هذا الحديث العلاء بن خالد الواسطي، وقد اختلف فيه، فوثقه ابن حبان، وضعفه موسى بن إسماعيل. وقال ابن رشد: قال أبو عمر: حديث حكيم بن حزام رواه يحيى بن أبي كثير عن يوسف بن ماهك أن عبد الله بن عصمة حدثه أن حكيم بن حزام قال: ويوسف بن ماهك وعبد الله بن عصمة لا أعرف لهما جرحة إلاَّ أنه لم يرو عنهما إلاَّ رجل واحد فقط، وذلك في الحقيقة ليس يجرحه وإن كرهه جماعة من المحدثين، بداية المجتهد: ٢/٤٥ وقال ابن حزم عن عبد الله بن عصمة: متروك، ولكن ابن حزم روى هذا الحديث عن طريق آخر ليس فيه عبد الله بن عصمة وقال: إنه سند صحيح: المحلى: ٨/٥١٩.
(٣) رواه أبو داود، والدارقطني: سنن أبي داود: ٣/٣٨٣، ومنتقى الأخبار: ٥/٢٥٦، وأخرجه أيضًا الحاكم: نيل الأوطار: ٥/٢٥٦، وفي إسناد هذا الحديث أحمد بن خالد الوهبي، وقد قال فيه ابن حزم: إنه مجهول، المحلى: ٨/٥٢٣، ولكن الحاكم وابن حبان صححا هذا الحديث: نيل الأوطار: ٥/٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>