للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند الحنابلة: قبض كل شيء بحسبه، فما ينقل ويحول إن كان جزافًا فقبضه بنقله، وإن كان مكيلًا فقبضه بكيله، وإن كان دراهم ونحوها فقبضه بتناوله باليد، وذلك لأن القبض ورد مطلقًا في الشرع، فيجب الرجوع فيه إلى العرف، والعرف جرى بقبض هذه الأشياء بهذه الصفة، وقد جاء في الحديث ما يدل على أن قبض الجزاف بنقله وتحويله من مكانه.

وروى أبو الخطاب عن أحمد: أن القبض في كل شيء بالتخلية مع التمييز، لأنه ما دام البائع قد خلى بين المشتري والمبيع من غير حائل، فإن المشتري يعتبر قابضًا للبيع كما في العقار (١) .

والقبض عند الشيعة الزيدية، والإمامية يكون بالتخلية فلا فرق عندهم بين العقار والمنقول، لأن الاستيلاء يحصل بالتخلية وفي مذهب الإمامية قول بأن القبض في القماش هو الإمساك باليد، وفي الحيوان هو نقله (٢) .

ويفرق الظاهرية بين الطعام وغيره، والطعام عندهم هو القمح خاصة، فالقبض في غير الطعام يكون بأن يطلق البائع يد المبتاع عليه بألاَّ يحول بينه وبين ما اشتراه، أي بالتخلية. أما الطعام فلا يتم قبضه إلاَّ إذا نقل من مكانه الذي هو فيه إلى مكان آخر إن يبع جزافًا، وإلاَّ إذا كاله المبتاع إن بيع على الكيل (٣)

والذي أرجحه من هذه الآراء أن المنقول إذا كان مقدرًا فقبضه يكون باستيفاء قدره، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، وإذا كان جزافًا فقبضه بنقله من مكانه، وهو مذهب الحنابلة ورواية عند المالكية، وفيما عدا الجزاف والمقدر يكون القبض ما يعتبره العرف قبضًا، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة وذلك عملًا بالأحاديث الصحيحة المصرحة بالأمر بالكيل فيما بيع بالكيل، والأحاديث المصرحة بالنهي عن بيع الجزاف حتى ينقل، وعملًا بالعرف فيما لم يرد فيه نص.


(١) المحرر: ٣٢٣، والمغنى: ٤/١١١، ١١٢، و ١٢٤
(٢) البحر الزخار: ٣/٣٦٩، والمختصر النافع: ١٤٨
(٣) المحلى: ٨/٥١٨ و ٥٢١ و ٥٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>