للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقود التي يشترط قبض المحل فيها قبل بيعه

والعقود التي لا يشترط فيها ذلك:

القاعدة العامة في هذا عند الحنفية أن كل عوض ملك بعقد ينفسخ فيه العقد بهلاكه قبل القبض لا يجوز التصرف فيه قبل قبضه كالمهر وبدل العتق، وبدل الصلح عن دم العمد، وفقه هذه القاعدة، أن الصحة هي الأصل في التصرفات الصادرة من الأهل في المحل، وإن الفساد هنا جاء من عارض غرر الانفساخ، وهو غير متوهم في التصرفات التي لا تحتمل الفسخ فبقيت على الأصل، ولهذا جاز بيع الميراث، والموصى به قبل القبض، أما الميراث فلأن معنى الغرر لا يتقرر فيه، ولأن الوارث خلف المورث، ولو كان المورث موجودًا لجاز تصرفه فيه، فكذلك خلفه، وأما الوصية فلأنها أخت الميراث (١)

والحنابلة يوافقون الحنفية في هذه القاعدة، قال ابن قدامة: وكل عوض ملك بعقد ينفسخ بهلاكه قبل القبض لم يجز التصرف فيه قبل قبضه، كالأجرة وبدل الصلح إذا كانا من المكيل أو الموزون أو المعدود، وما لا ينفسخ العقد بهلاكه جاز التصرف فيه قبل قبضه، كعوض الخلع والعتق على مال وبدل الصلح عن دم العمد وأرش الجناية وقيمة المتلف (٢) .

والشيعة الزيدية يتفقون مع الحنفية والحنابلة، فقد جاء في البحر الزخار: "كل ما يبطل العقد بتلفه حرم بيعه قبل قبضه، فخرج المهر وجعل الخلع والصلح على دم العمد" (٣) .


(١) البدائع: ٥/١٨١، وابن عابدين: ٤/٢٢٥
(٢) المغني: ٤/١١٤
(٣) البحر الزخار: ٣/٣١١ و ٣١٣، وفيه أن المؤيد لا يجوز يبع المهر وما بعده قبل قبضه وأنه لا فرق عنده بين ما ملك بعقد من هذه العقود، وما ملك بالبيع، فهو موافق لرأي المالكية

<<  <  ج: ص:  >  >>