للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علة منع بيع الإنسان ما اشتراه قبل قبضه:

يعلل الحنفية منع بيع الإنسان ما اشتراه قبل قبضه بالغرر، جاء في تنوير الأبصار وشرحه: صح بيع عقار لا يخشى هلاكه قبل قبضه من بائعه لعدم الغرر لا بيع منقول، قال في الحاشية: أي غرر انفساخ العقد على تقدير الهلاك (١) ، ويقول الكاساني: "ومنها، أي من شروط الصحة، القبض في بيع المشترى المنقول فلا يصح بيعه قبل قبضه، ولأنه بيع فيه غرر الانفساخ بهلاك المعقود عليه، لأنه إذا هلك المعقود عليه قبل القبض يبطل البيع الأول، فينفسخ الثاني، لأنه بناه على الأول، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فيه غرر (٢)

ويعلل المالكية منع بيع الطعام قبل قبضه بأنه قد يتخذ ذريعة للتوصل إلى الربا، فهو عندهم من باب سد الذرائع، وذلك كما يقول الباجي: إن صاحب العينة يريد أن يدفع دنانير في أكثر منها، فإذا علم بالمنع في ذلك توصل إليه بأن يذكر حنطة بدينار، ثم يبتاعه بنصف دينار دون استيفاء، ولا قصد لبيعه ولا لابتياعه، فلما كثر هذا وكانت الأقوات مما يتعامل بها في كثير من البلاد، ولاسيما في بلاد العرب، وكان ذلك مما يقصد لهذا المعنى كثيرًا، لمعرفة جميع الناس لثمنه وقيمته، منع ذلك فيها وشرط في صحة توالي البيع فيها القبض، لأن ذلك نهاية التبايع فيها وإتمام العقد ولزومه، ولم يشترط ذلك في سائر المبيعات، لأنه لم يتكرر تعامل أهل العينة بها، لأن ثمنها يخفى في الأغلب ويقل مشتريها (٣) .

والشافعية يعللون المنع بالغرر كالحنفية، يقول الشيرازي: (ولا يجوز بيع ما لم يستقر ملكه عليه. . . لأنه ربما هلك فانفسخ العقد، وذلك غرر من غير حاجة) (٤) .


(١) ابن عابدين: ٤/٢٢٤
(٢) البدائع: ٥/١٨٠
(٣) بداية المجتهد: ٢/١٤٤، والمنتقى: ٤/٢٨٠
(٤) المهذب: ١/٢٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>