ومنهم من يرى أن القبض ركن في العقد لأنه تمام الرضا فلا ينعقد العقد ولا ينشأ إلا بحصول القبض، وعلى هذا فلا أثر للإيجاب والقبول في تكوين العقد.
لكن هذا الرأي محل نظر شديد، لأن المعنى الشرعي للعقد: ارتباط الإيجاب بالقبول على وجه يظهر أثره الشرعي في محله.
وهذا المعنى للعقد يتحقق بالإيجاب والقبول.
كما يقال هنا إن العقود التي تضاف إلى المستقبل قد قال العلماء فيها إنها تنعقد حالا، أما التصرف فيكون حين تحقق ما أضيف إليه العقد من الزمن. فمن قال لآخر: أعرني سيارتك للغد فرضي فجاء الغد فأخذ المستعير السيارة فإنه آخذ مستندًا إلى سبب صحيح من الإيجاب والقبول، فكيف يقال إن القبض ركن في العقد؟ لأن الركن جزء من الماهية وليس كذلك القبض.
على أن الإمام مالك رحمه الله في مشهور مذهبه وسار عليه فقهاء مذهبه أن عقود التبرعات تلزم بالإيجاب والقبول وعلى المتبرع إقباض ما تبرع به – إلى المتبرع له – بناء على قاعدة مالك الشهيرة:
(من ألزم نفسه معروفا لزمه إلا من موت أو فلس) .
فالقبض ليس ركنًا في العقد كما أنه ليس شرط لزوم وتمام بل إنه أثر للعقد. وهذا هو الذي يبدو لي راجحًا والله أعلم.