للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصرف في المبيع قبل القبض

وتحته مبحثان:

• المبحث الأول: حكمة النهي عن بيع المبيع قبل القبض.

• المبحث الثاني: حكم التصرف في المبيع قبل القبض.

المبحث الأول

حكمة النهي عن بيع المبيع قبل القبض

ذهب فريق من العلماء إلى أن النهي عن بيع المبيع قبل القبض تعبدي غير معقول المعني (١)

وذهب آخرون إلى أنه معقول المعنى ولهم في تبيان وجهات نظرهم ما يمكن إجماله في الآتى:

أولًا: فيه سد لباب الربا ويظهر ذلك في كلام ابن عباس – رضي الله عنهما – ردًّا على استفسار طاوس قال: قلت لابن عباس كيف ذاك؟ قال: ذاك دراهم بدراهم، والطعام مرجأ. ومعناه: أنه استفهم عن سبب هذا النهي فأجابه ابن عباس بأنه إذا باعه المشتري قبل القبض وتأخر المبيع في يد البائع فكأنه باعه دراهم بدراهم.

وتوضيح ذلك: أن من اشترى طعامًا بمائة دينار مثلًا، ودفعها للبائع ولم يقبض منه الطعام، ثم باع الطعام لآخر بمائة وعشرين دينارًا وقبضها، والطعام في يد البائع فكأنه باع مائة دينار بمائة وعشرين دينار (٢) .

وكذلك وجه من عمم النهي في سائر المبيعات ولم يقصره على الطعام بقول ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثله (٣) .

ولمسلم من طريق معمر عن ابن طاوس عن أبيه: وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام.

قالوا: وهذا من تفقه ابن عباس، فأجروا المنع في كل أنواع المبيع وهو رأي طائفة من الأئمة على ما سيأتي تفصيلًا (٤) .

ثانيا: وعلل آخرون الحرمة بأن غرض الشارع سهولة الوصول إلى الطعام ليتوصل إليه القوي والضعيف، ولو جاز البيع قبل القبض لربما أخفى إمكان شرائه من مالكه وبيعه خفية فلم يتوصل إليه الفقير وليظهر للفقراء فتقوى به قلوب الناس لا سيما في زمن الشدة، ولأجل نفع نحو الكيال والحمال منع الشارع بيع المبيع قبل القبض (٥) .


(١) بدائع الصنائع: ٧/٣٢٤٨، حاشية الدسوقي: ٣/١٥١، الفواكه الدواني: ٢/١١٧.
(٢) فتح الباري: ٥/٢٥٢
(٣) فتح الباري: ٥/٢٥٢.
(٤) فتح الباري: ٥/٢٥٢، شرح النووي على مسلم: ١٠/١٦٨
(٥) حاشية الدسوقي: ٣/١٥١، ١٥٢، الفواكه الدواني: ٢/١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>