للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة المذهب الثاني:

وهذا المذهب نقله الأئمة عن عثمان البتي ولم يخل من تعليق عليه.

قال النووي: أما مذهب عثمان البتي فحكاه المازري والقاضي، ولم يحكه الأكثرون، بل نقلوا الإجماع على بطلان بيع الطعام المبيع قبل قبضه، قالوا: وإنما الخلاف فيما سواء فهو شاذ متروك، والله أعلم (١) .

وقال الحافظ شهاب الدين ابن حجر: قال القرطبي: هذه الأحاديث حجة على عثمان البتي حيث أجاز بيع كل شيء قبل قبضه. (٢)

وقال ابن قدامة: ولم أعلم بين أهل العلم خلافًا إلا ما حكي عن البتي أنه قال: لا بأس ببيع كل شيء قبل قبضه.

وقال ابن عبد البر: وهذا قول مردود بالسنة والحجة المجمعة على الطعام وأظنه لم يبلغه هذا الحديث، ومثل هذا لا يلتفت اليه (٣) .

ويؤخذ من هذا أن إسناد هذا القول إلى عثمان البتي صحيح أما استدلاله على مذهبه فلعل مستنده فيما ذهب إليه عموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} ، فهو يفيد بعمومه جواز بيع المنقول وغير المنقول قبل القبض وبعده.

أدلة المذهب الثالث:

وهم الذين فرقوا بين المنقول والعقار.

قال في درر الحكام: والأظهر لقواعد الأصول ما ذكر في العناية وهو أن الأصل أن يكون بيع المنقول وغير المنقول قبل القبض جائزا لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} لكن خص منه الربا بدليل مستقل مقارن وهو قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} والعالم المخصوص يجوز تخصيصه بخبر الواحد وهو ما روي أنه صلى الله عليه وسلم ((نهى عن بيع ما لم يقبض)) ثم لا يخلو، إما أن يكون معلولًا بغرر الانفساخ أو لا، فإن كان، يثبت المطلوب حيث لا يتناول العقار، وإن لم يكن وقع التعارض بينه وبين ما روي في السنن مسندًا إلى الأعرج عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى عن بيع الغرر)) وبينه وبين أدلة الجواز تعارض وذلك يستلزم الترك وجعله معلولًا بذلك إعمال لثبوت التوفيق حينئذ والإعمال متعين لا محالة فيكون مختصًّا بعقد ينفسخ بهلاك العوض قبل القبض (٤) .


(١) شرح النووي على مسلم: ١٠/١٧٠
(٢) فتح الباري: ٥/٢٥٣.
(٣) المغني: ٤/١٠٢
(٤) درر الحكام شرح غرر الأحكام: ٢/١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>