للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة المذهب الرابع:

وهم الذين قصروا المنع على الطعام وهم المالكية.

وللإمام الباجي في المنتقي كلام فيه تفصيل نسوقه في فرعين:

الأول: في المبيع الذي لا يجوز بيعه قبل القبض.

والثاني: في بيان العقود التي لا يجوز أن يتوالى منها عقدان لا يتخللهما قبض.

الفرع الأول: في المبيع الذي لا يجوز بيعه قبل القبض.

قال الباجي: المبيع على ضربين: مطعوم، وغير مطعوم.

فالمطعوم على قسمين: قسم يجري فيه الربا، وقسم لا يجري فيه الربا.

فإما ما يجرى فيه الربا فلا خلاف على المذهب في أنه لا يجوز بيعه قبل استيفائه.

وأما ما لا يجرى فيه الربا فعن مالك في كل ذلك روايتان:

أحدهما: أنه لا يجوز بيعه قبل قبضه وهو المشهور من المذهب.

والثانية: روى ابن وهب عن مالك أنه يجوز بيعه قبل قبضه.

وجه الرواية الأولى. ما احتج به من قول النبي صلى الله عليه وسلم ((من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه)) . وهذا يصح الاحتجاج به في هذا الحكم على قول من يمنع التخصيص بعرف اللغة.

وأما من رأى التخصيص بعرف اللغة فلا يُجَوِّز الاحتجاج بهذا الحديث على هذا الحكم، لأن لفظة الطعام إذا أطلقت فإنما يفهم منها بعرف الاستعمال الحنطة دون غيرها.

ولذلك لو قال رجل: مضيت إلى سوق الطعام لم يفهم منه إلا سوق الحنطة.

وأما من جهة القياس: فإن هذا مطعوم فلم يجز بيعه قبل قبضه الذي يجري فيه الربا.

ووجه الرواية الثانية: أنا ما لا يجوز فيه التفاضل نقدًا فإنه لا يحرم بيعه قبل قبضه كغير المطعوم.

وإذا قلنا بإجراء هذا الحكم في المقتات خاصة فلا فرق بينهما فإذا أجريناه في كل مطعوم فلا فرق بين هذا وبين حكم الربا. وهذا في المطعوم المقتات المكيل أو الموزون.

<<  <  ج: ص:  >  >>