للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبيع في يد المشتري:

وإذا كان المبيع في يد المشتري وقت البيع فهل يصير قابضًا للمبيع بنفس العقد أم يحتاج فيه إلى تجديد القبض؟

لا يخلو الحال من ثلاثة فروض:

إن كان مثل المستحق بالعقد ينوب منابه.

وإن لم يكن مثله:

فإن كان أقوى من المستحق ناب عنه.

وإن كان دونه لا ينوب، لأنه إذا كان مثله أمكن تحقيق التناوب، لأن المتماثلين ينوب كل واحد منهما مناب صاحبه ويسد مسده.

وإن كان أقوى منه يوجد فيه المستحق وزيادة.

وإن كان دونه لا يوجد فيه إلاَّ بعض المستحق فلا ينوب عن كله (١) .

وبيان ذلك: أن المشتري قبل الشراء إما أن تكون يد ضمان وإما أن تكون يد أمانة.

فإن كانت يد ضمان: فإما أن تكون يد ضمان بنفسه، وإما أن تكون يد ضمان بغيره.

فإن كان يد ضمان بنفسه كيد الغاصب يصير المشتري قابضًا للمبيع بنفس العقد ولا يحتاج إلى تجديد القبض سواء كان حاضرًا أو غائبًا، لأن المغصوب مضمون بنفسه، والمبيع بعد القبض مضمون بنفسه فتجانس القبضان فناب أحدهما عن الآخر، لأن التجانس يقتضي التشابه، والمتشابهات ينوب كل واحد منهما مناب صاحبه، ويسد مسده سواء كان المبيع حاضرًا أو غائبًا.

وإن كانت يده يد ضمان لغيره كيد الرهن بأن باع الراهن المرهون من المرتهن فإنه لا يصير قابضًا إلاَّ أن يكون الرهن حاضرًا، أو يذهب إلى حيث الرهن ويتمكن من قبضه، لأن المرهون ليس بمضمون بنفسه بل بغيره وهو الدين، والمبيع مضمون بنفسه فلم يتجانس القبضان فلم يتشابها فلا ينوب أحدهما عن الآخر، ولأن الرهن أمانة في الحقيقة فكان قبضه قبض أمانة، وإنما يسقط الدين بهلاكه لمعنى آخر لا لكونه مضمونًا، وإذا كان أمانة فقبض الأمانة لا ينوب عن قبض الضمان كقبض العارية والوديعة.


(١) بدائع الصنائع: ٧/٧٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>