للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل القائلين بالصحة:

استدلوا بعموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} ، وقالوا: الآية عامة فلا يخرج من هذا العموم إلا ما جاء بمنعه نص من كتاب أو سنة أو إجماع.

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: ((من اشترى شيئًا لم يره فهو بالخيار إذا رآه إن شاء أخذه وإن شاء تركه)) . وحديث أبي هريرة: ((من اشترى شيئًا لم يره فهو بالخيار إذا رآه)) .

واستدلوا بالقياس أيضًا فقد قاسوه على النكاح، فإنه لا يشترط رؤية الزوجين بالإِجماع، وقياسًا على بيع الرمان والجوز واللوز، وقياسًا على ما لو رآه قبل العقد (١) .

تفصيل مذهب الشافعي في حكم بيع العين الغائبة:

في القديم يصح ويثبت له الخيار إذا رآه واستدل له لما روى ابن أبى مليكة "أن عثمان – رضي الله عنه – ابتاع من طلحة أرضًا بالمدينة ناقلة بأرض له بالكوفة، فقال عثمان بعتك ما لم أره، فقال طلحة إنما النظر إليَّ لأني ابتعت مُغيَّبًا وأنت قد رأيت ما ابتعت، فتحاكما إلى جبير بن مطعم فقضى على عثمان أن البيع جائز وأن النظر لطلحة لأنه ابتاع مُغَيَّبًا" (٢) .

ولأنه عقد على عين فجاز مع الجهل بصفته كالنكاح.

وفي الجديد لا يصح: لحديث أبي هريرة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر)) ولأن في هذا البيع غررًا، ولأنه نوع بيع فلم يصح بالجهل بصفة المبيع كالسلم (٣) .

وعلى القول القديم القائل بالصحة هل تفتقر صحة البيع إلى ذكر الصفات أم لا؟ فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه لا يصح حتى تذكر جميع الصفات كالمسلم فيه.

والثاني: لا يصح حتى تذكر الصفات المقصودة.

الثالث: لا يفتقر إلى ذكر شيء من الصفات، لأن الاعتماد على الرؤية ويثبت الخيار إذا رآه فلا يحتاج إلى ذكر الصفات، فإن وصفه ثم وجده على خلاف ما وصف أو أعلى فيه وجهان:

أحدهما: لا خيار له لأنه وجده على ما وصف فلم يكن له خيار كالمسلم فيه.

والثاني: له الخيار لأنه يعرف ببيع خيار الرؤية فلا يجوز أن يخلو من الخيار.

وقيل: الخيار على الفور وهو قول ابن أبي هريرة لأنه خيار تعلق بالرؤية فكان على الفور كخيار الرد بالعيب.

وقال أبو إسحاق: يتقدر الخيار بالمجلس، لأن العقد إنما يتم بالرؤية فيصير كأنه عقد عند الرؤية فيثبت له خيار المجلس (٤) .


(١) المجموع: ٩/٣٠١.
(٢) قوله ناقلة بأرض له بالكوفة أي: بادله بها ونقل كل واحد ملكه إلى موضع آخر (المجموع: ٩/٢٨٨) .
(٣) المجموع: ٩/٢٨٨.
(٤) المجموع:٩/ ٢٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>