للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- ما رواه الحاكم بسنده، عن ابن عمر، ((عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تباع السلع حيث تشترى حتى يحوزها الذي اشتراها إلى رحلة وإن كان ليبعث رجالًا فيضربونا على ذلك)) ، وقال: حديث صحيح على شرح مسلم، ووافقه الذهبي. (١) ، وفي رواية أخرى له عن طريق ابن إسحاق: قال ابن عمر: "ابتعت زيتًا في السوق، فلما استوجبته لقيني رجلٌ، فأعطاني به ربحًا حسنًا، فأردت أن أضرب على يديه فأخذ رجل من خلفي بذراعي فالتفت إليه فإذا زيد بن ثابت فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك، ((فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم)) . (٢) .

وأما العرف فهو جارٍ على هذا التقسيم يقول ابن قدامة، لأن القبض مطلق في الشرع فيجب الرجوع فيه إلى العرف كالإِحراز والتفرق، والعادة في قبض هذه الأشياء ما ذكرنا (٣) واستدل القائلون بأن القبض هو التخلية في المنقول وغيره بالسنة والآثار:

أما السنة فمنها:

١- ما رواه البخاري وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكنت على بكر صعب لعمر، فكان يغلبني، فيتقدم أمام القوم، فيزجره عمر، ويردّه، ثم يتقدم فيزجره عمر ويردّه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: بعنيه، قال: هو لك يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعينه فباعه من رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هو لك يا عبد الله بن عمر تصنع به ما شئت)) (٤) .

وجه الاستدلال بهذا الحديث واضح حيث دخل الجمل في ملكية الرسول صلى الله عليه وسلم بمجرد العقد، مع أنه منقول، فلو كان النقل الفعلي شرطًا لأخذه الرسول صلى الله عليه وسلم أولًا، ثم يهبه لابن عمر، وقد أشار ابن بطال وغيره أن الحديث حجة في أن البيع يتم بالعقد – مع شروطه – وأنه لا يحتاج إلى نقل المعقود عليه فعلًا، قال الحافظ ابن حجر: "وقد احتج به المالكية والحنفية في أن القبض في جميع الأشياء بالتخلية، وإليه مال البخاري ..." (٥) .

٢- ما رواه البخاري ومسلم بسندهما عن جابر، قال: "... ثم قال – أي النبي صلى الله عليه وسلم – ((أتبيع جملك؟)) قلت: نعم. فاشتراه مني بأوقية، واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي، ... فجئنا إلى المسجد، فوجدته على باب المسجد، قال: الآن قدمت؟ قلت: نعم. قال: فدع جملك، فادخل، فصلَّ ركعتين، فدخلت فصليت، فأمر بلالًا أن يزن له أوقية ... فانطلقت حتى وليت ... ثم قال: خذ جملك، ولك ثمنه" (٦) .

والحديث واضح في دلالته على أن البيع قد تم دون أن يتم تحويل الجمل – وهو من المنقولات – إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك ترجم له البخاري "باب ... وإذا اشترى دابة، أو جملًا، وهو عليه، هل يكون ذلك قبضًا قبل أن ينزل؟ " وكذلك أورد بعض الحديث الأول تحته، وهذا مشعر بأن البخاري فهم من الحديثين أن القبض هو التخلية في المنقول وغيره (٧) .


(١) المستدرك، وبهامشه التخليص للذهبي، ط. دار المعرفة ببيروت: ٢/٣٩ - ٤٠.
(٢) المستدرك، وبهامشه التخليص للذهبي، ط. دار المعرفة ببيروت: ٢/٣٩ - ٤٠.
(٣) المغني لابن قدامة: ٤/١٢٦، والمجموع: ٩/٢٨٣.
(٤) صحيح البخاري – مع الفتح – كتاب البيوع: ٤/٣٣٤.
(٥) فتح الباري: ٤/٣٣٥.
(٦) صحيح البخاري – مع الفتح – البيوع: ٤/٣٢٠، ومسلم، المساقاة: ٣/١٢٢١.
(٧) فتح الباري: ٤/٣٢١ – ٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>