للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- ما رواه البخاري وغيره عن عائشة في حديث الهجرة، وفيه أن أبا بكر قال: "إن عندي ناقتين أعددتهما للخروج، فخذ إحداهما. قال: قد أخذتها بالثمن" (١) . قال الحافظ ابن حجر: " قال المهلب: وجه الاستدلال به أن قوله "أخذتها" لم يكن أخذًا باليد، ولا بحيازة شخصها، وإنما كان التزامًا منه لابتياعها بالثمن وإخراجها عن ملك أبي بكر ...، وقال ابن المنير: مطابقة الحديث للترجمة من جهة أن البخاري أراد أن يحقق انتقال الضمان في الدابة ونحوها إلى المشتري بنفس العقد، فاستدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: ((قد أخذتها بالثمن)) وقد علم أنه لم يقبضها بل أبقاها عند أبي بكر (٢) .

وهذا في المنقولات التي هي محل الخلاف، فيكون القبض هو التخلية مطلقًا.

٤- ما رواه الخمسة، والحاكم عن ابن عمر قال: كنا نبيع الإِبل بالنقيع – بالنون سوق المدينة، وبالباء مقبرتها – كنا نبيع بالذهب ونقضي الورق، ونبيع بالورق ونقضي الذهب، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ((لا بأس إذا كان بسعر يومه، إذا تفرقتما وليس بينكما شيء)) (٣) .

فالحديث دليل على أن القبض هو التخلية والتمكن من القبض، وليس النقل الفعلي، حيث إن ابن عمر كان يشتري من بائعه الذهب المستقر في ذمته بالفضة، مع أن بائعه لم يستلم بعد ذهبه الذي كان ثمنًا لإِبله، فهذا دليل على أن القبض هو التخلية والتمكن، وليس النقل الفعلي، ولكن العملية الثانية لما كانت من الربويات اشترط الرسول صلى الله عليه وسلم القبض الفوري في المجلس.

* * *


(١) صحيح البخاري – مع الفتح – البيوع: ٤/٣٥١.
(٢) فتح الباري: ٤/٣٥١-٣٥٢.
(٣) الحديث حكم عليه الحاكم بأنه صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي: ٢/٤٤، ورواه أحمد: ٢/٣٣، ٨٣، ٨٤، ١٣٩، وابن ماجه: ٢/٧٦٠، وأبو داود – مع العون – البيوع: ٩/٢٠٣، والنسائي: ٢/٢٢٣ – ٢٢٤، والترمذي مع التحفة: ٤/٤٤٣، والدارمي: ٢/٢٠٩، والطحاوي في مشكل الآثار: ٢/٦٩، وابن الجارود: ٦٥٥، والدارقطني: ٢٩٩، والبيهقي: ٥/٢٨٤، ٣١٥. وقال الشيخ الألباني في إرواء الغليل، ط. المكتب الإِسلامي: ٥/١٧٤: ضعيف، ثم رجح وقفه، ولكن الحديث حكم عليه الحاكم بالصحة، ووافقه الذهبي، وذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوي: ٢٩/٥١٠ أنه من السنة الثابتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>