للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اعتبر مالك تغير حال السوق – بأن تغير ثمنه بزيادة أو نقص بنسبة الربع – أو تغير المعقود عليه بصغر وكبر بعد القبض كالهلاك، فعلى هذا إذا قبض المشتري – في العقد الفاسد – المعقود عليه ثم تغير ثمنه أو ذاته فلا يحق له أن يرده على بائعه، لانتقال ملكه إليه بهذا التغيير الذي هو بمثابة الفوات، بل عليه قيمته يوم قبضه إذا كان قيميًّا، وعليه مثله إن كان مثليًّا كالمكيل والموزون، وأما العقارات فلا تؤثر فيها حوالة الأسواق كالمثلي، بل لا بد من ردها لفساد بيعها (١) .

وقد ذكر العلامة النفراوي عدة أمور هامة حول هذه المسائل منها أن كلام القيرواني يشعر بأن المبيع في العقد الفاسد بعد قبضه يحل تملكه، وذلك لأنه جعل الضمان على المشتري بعد قبضه، وهذا على عكس بيع الميتة والزبل، والكلب فلا ضمان على المشتري ولو قبضه وأدى ثمنه كما قاله ابن القاسم.

ومنها أن الضمان في البيع الصحيح عن الضمان في البيع الفاسد حيث إن العقد الفاسد وحده دون القبض لا يؤدي إلى ترتيب الضمان على المشتري، في حين أن العقد الصحيح فيما ليس فيه توفية يجعل الضمان على المشتري حتى قبل القبض.

ومنها الإِشكال الذي ذكره الفاكهاني حول نقل الضمان في العقد الفاسد بعد القبض إلى المشتري، فقال: "جعل الضمان من البائع صريح في أن الفاسد لم ينقل الملك، وجعل الضمان بعد القبض من المشتري يقتضي أن الفاسد ينقل ... فأجاب النفراوي بأنه لا ملازمة بين نقل الملك والضمان، إذ قد يوجد الضمان من غير تقدم ملك، كمن أتلف شيء غيره من غير تقدم سبب ملك، فإنه يضمن لتعديه، والمشتري هنا متعد بقبض المشتري شراء فاسدًا ...، فيكون ضمانه لتعديه بالقبض لما يجب فسخ عقده قبل فواته، ولذلك يضمن بعد القبض حتى ولو هلك بآفة سماوية، إذن فلا حاجة إلى بناء الضمان بعد القبض على القول بأن الفاسد ينقل الملك.

ومنها أنه إذا ردت السلعة بسبب الفساد، فإن المشتري يفوز بغلتها للحديث الصحيح ((الخراج بالضمان)) (٢) ، وأما كلفتها فإن تساوت مع الغلة فلا شيء له، وإن زادت، أو لا غلة له فإنه يرجع على البائع بقدرها، لأنه قام عن البائع بما لا بد له منه (٣) .


(١) بداية المجتهد: ٢/١٩٣، الفواكه الدواني، ط. مصطفى الحلبي: ٢/١٢٩ - ١٣٠.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) الفواكه الدواني: ٢/١٢٩-١٣١، والخرشي: ٥/٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>