للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إن الشافعية صرحوا بأن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه بعد العقد. يقول الزركشي: "ومعنى ذلك أن ما اقتضى صحيحه الضمان بعد التسليم كالبيع والقرض، والعمل، والقراض، والإِجارة، والعارية فيقتضي فاسده الضمان، لأنه أولى بذلك، وما لا يقتضي صحيحه الضمان بعد التسليم كالرهن والعين المستأجرة والأمانات كالوديعة، والتبرع كالهبة والصدقة لا يقتضيه فاسده أيضًا" (١) ، غير أنه استثنى من هذه القاعدة عدة صور منها أن الهبة الصحيحة لا ضمان فيها على المشتري، والفاسدة تضمن على وجه نقل ترجيحه عن الشرح الصغير، ومنها إعارة الدراهم والدنانير، قال الغزالي: "فإن أبطلناها ففي طريقة العراق أنها مضمونة، لأنها إعارة فاسدة، وفي طريق المراوزة: أنها غير مضمونة ... لأنها باطلة (٢) .

وذكر الزركشي أن القبض الفاسد لا أثر له إلا فيما وقع في ضمن إذن فيبرئ، إلغاءً للفاسد، وإعمالًا للصحيح، ولذلك صور: منها لو كان لشخص طعام مقدر على زيد، وكان عليه مثله لعمرو فقال لعمرو: أقبض من زيد ما لي عليه لنفسك، ففعل فالقبض فاسد، ومع ذلك تبرأ ذمة الدافع عن دين الآخر في الأصح. ومنها: إذا فسدت ولاية العامل (الأمير) وقبض المال مع فسادها برئ الدافع، لأن الإِذن يبقى وإن فسدت الولاية، نعم لو نهاه عن القبض بعد فسادها لم يبرأ الدافع بالدفع إليه إن علم بالنهي، فإن لم يعلم فوجهان ... (٣) .


(١) المنثور في القواعد للزركشي: ٣/٨-١٢.
(٢) الوسيط مخطوطة بدار الكتب الرقم ٣١٢ – فقه الشافعي) ورقة: ١٠٠، والتمهيد للإِسنوي ص ٦٠، والمنثور: ٣/٩.
(٣) المنثور في القواعد: ٣/١٦-١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>