للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقبوض على سوم الشراء، أو النظر، أو الرهن:

وأما المقبوض على سوم الشراء فهو أن يتساوم شخصان حول بضاعة ويصلان إلى ثمن معين، ثم يطلب المتساوم الراغب في الشراء أن يأخذها، على أن ينظر فيها: فإن أعجبته أنشأ العقد مع صاحبه، وإلا أرجعها إليه، وقد ضرب العلامة ابن عابدين مثلًا لهذه المسألة فقال: "طلب منه ثوبًا ليشتريه، فأعطاه ثلاثة أثواب، وقال: هذا بعشرة وهذا بعشرين، وهذا بثلاثين، فاحملها، فأي ثوب ترضى بعته منك، فحمل، فهلكت عند المشتري"، ففي هذا المثال يكون الضمان على المشتري لأحد هذه الأثواب الثلاثة لا على التعيين، لأنه هو المطلوب للشراء، فيكون الضمان بالثلث، ولذلك قال الإِمام ابن فضل في هذه المسألة: "إن هلكت جملة، أو متعاقبًا ولا يدري الأول وما بعده ضمن تلك الكل، وإن عرف الأول لزمه ذلك الثوب، والثوبان أمانة، وإن هلك اثنان ولا يعلم أيهما الأول ضمن نصف كل منهما، ورد الثالث، لأنه أمانة، وإن نقص الثالث ثلثه، أو ربعه لا يضمن النقصان، وإن هلك واحد فقط لزمه ثمنه ويرد الثوبين". يقول ابن عابدين: "قال في البحر: فهذا صريح في أن بيان الثمن من جهة البائع يكفي للضمان ... قلت وبيان ذلك أن المساوم إنما يلزمه الضمان إذا رضي بأخذه بالثمن المسمى على وجه الشراء، فإذا سمى البائع الثمن، وتسلم المساوم الثوب على وجه الشراء يكون راضيًا بذلك، كما أنه إذا سمى هو الثمن، وسلم البائع يكون راضيًا بذلك فكأن التسمية صدرت منهما معًا بخلاف ما إذا أخذه على وجه النظر" (١) . أما إذا كان الثوب واحدًا – مثلًا – ثم هلك فيكون مضمونًا كله.

ثم الضمان في المقبوض على سوم الشراء يكون بالقيمة إذا هلك، أما إذا استهلكه الراغب في الشراء فمضمون بالثمن كما حققه الطرسوس، في حين أن بعض فقهاء الحنفية قالوا: يكون مضمونًا بالقيمة مطلقًا بالغة ما بلغت، وبعضهم الآخر قيدوا ذلك بأن لا يزاد بالقيمة على المسمى، وقد صرح الحنفية بأن اشتراط الراغب في الشرار (المساوم) عدم ضمانه لا يعفيه من المسئولية (٢) .


(١) رد المحتار على الدر المختار: ٤/٥٠، والفتاوى الهندية: ٣/١١، والفتاوي البزازية: ٤/٣٦٦.
(٢) حاشية ابن عابدين: ٤/٥٠-٥١، والفتاوي الهندية: ٣/١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>