للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المقبوض على سوم النظر فهو بأن يقول: أعطني هذه البضاعة حتى أنظر إليها، أو حتى أريها غيري، ولا يقول: إن رضيته أخذته سواء ذكر الثمن أم لا.

وحكمه عدم الضمان مطلقًا إذا هلك، أما لو استهلكه القابض فإنه يضمن قيمته.

والفرق بين هذا وسابقه هو وجود القبض على وجه الشراء في الأول، وعدم وجود ذلك في المقبوض على وجه النظر، بل القبض فيه على وجه النظر وقد رضي به المقبض فيكون أمانة، ومن هنا فقبض المساوم على وجه الشراء يصبح كأنه راض بتسمية البائع فكأنها وجدت منهما، وأما القبض على وجه النظر فليس فيه ذكر البيع فيكون أمانة (١) . جاء في الفتاوى الهندية: "وفي فروق الكرابيسي: هذا الثوب لك بعشرة، فقال: هاته حتى أنظر إليه، أو حتى أريه غيري فضاع، قال أبو حنيفة رحمه الله، لا شيء عليه يعني يهلك أمانة، وإن قال: هاته فإن رضيته أخذته فضاع كان عليه الثمن، والفرق أنه في الأول أمر بدفعه إليه لينظر إليه، أو ليريه غيره، وذلك ليس ببيع، وفي الثاني أمره بالإِتيان به ليرضاه ويأخذه، وذلك بيع بدون الأمر (أي المعاطاة) فمع الأمر أولى ... وإن أخذه لا على النظر فضاع لا يخرجه الكلام الأخير عن الضمان الواجب بأول مرة" (٢) .

وقد أفاض علماء الحنفية في هذه المسائل فقالوا: لو أرسل شخص رسولًا إلى بزاز – مثلًا – ليرسل إليه ثوبًا فبعثه البزاز مع رسوله، فضاع الثوب قبل أن يصل إلى الآمر، وتصادقوا على ذلك فلا ضمان على الرسول، وإنما الضمان على الآمر، ولكن لو أرسله البزاز مع رسوله فضاع قبل وصوله إلى الآمر يكون الضمان على البزاز (٣) .


(١) رد المحتار على الدر المختار: ٤/٥٠، والفتاوى الهندية: ٣/١١، والفتاوي البزازية: ٤/٣٦٦، حاشية ابن عابدين: ٤/٥٠-٥١، والفتاوي الهندية: ٣/١١.
(٢) الفتاوى الهندية: ٣/١١.
(٣) الفتاوى الهندية: ٣/١١ - ١٢، والفتاوى البزازية: ٤/٣٦٦- ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>