الخاتمة
الفقه الإسلامي قادر على استيعاب جميع ما يجد من مشكلات في الحياة ووضع الحلول المناسبة لها، وليس معنى ذلك الموافقة على كل ما يجد وإيجاد المسوغات له، بل إنه يدرس الوقائع والنوازل المستجدة ويعطيها تكييفًا معينًا، ومن ثم الحكم بالقبول أو الرفض على ضوء الأسس العامة والقواعد الكلية الموجودة في الشريعة الإسلامية.
ومن أهم النتائج التي توصلت لها في هذا البحث المختصر:
(١) إن القبض ينقسم إلى قسمين، حقيقي وحكمي وهو " التخلية ".
(٢) القبض الحقيقي يكون بتقدير المقدرات بالكيل والوزن والعد والذرع، ونقل المنقولات من مكانها وتحريك الحيوانات وتمشيتها من مكانها، فمتى تم ذلك ترتب عليه آثاره كالضمان وجواز التصرف.
(٣) القبض الحكمي متفق على الاكتفاء به في غير المنقول كالدور والأراضي والآبار وبيع المدن والقرى والأشجار والغرس.
(٤) أما في المنقولات فهل يكتفى به أو لا؟
خلاف بين العلماء مجملة في رأيين: أحدهما عدم الاكتفاء به ولا بد من تقدير المقدرات ونقل غيرها أو تحويلها من مكانها الذي تم التعاقد فيه.
والثاني: الاكتفاء به في غير الصرف وهو مذهب الحنفية والمالكية وأحد قولي الحنابلة، وأحد القولين للشافعي، أما الصرف ففي الاكتفاء به خلاف حيث يرى الحنفية وبعض الحنابلة أنه لا يكتفى فيه – أي في الصرف- إلا بالقبض الحقيقي، وقول بعض الحنابلة وما اتضح لي من أقوال المالكية وأحد القولين عند الشافعي الاكتفاء يه حتى في الصرف.
أما الربويات غير الصرف فيوافق الحنفية غيرهم في الاكتفاء بالتخلية فيها، وذلك بناء على أصلهم في أن الربويات تتعين بالتعيين، أما الدراهم والفلوس فلا تتعين بالتعيين عندهم.
(٥) صور القبض تختلف باختلاف العرف وتتغير بتغيره فما يكون قبضًا في زمن وبلد قد لا يكون قبضًا في الزمن الذي بعده، وما يكون قبضًا في بلد قد لا يكون قبضًا في بلد قريب منه.
(٦) إن الصور التي ذكرتها هي في البيوع الصحيحة العاجلة، وأما غير الصحيحة والآجلة فهي خارجة عن الصور المذكورة، ولها مجال آخر، وتبحث في سوق البورصة والبيوع الآجلة – السلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.