للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنواع القبض

١١- لقد قسَّمَ الإِمام العز بن عبد السلام – وتبعه في ذلك القرافي – القَبْضَ باعتباره تصرفًا من تصرفات المكلفين إلى ثلاثة أنواع (١) .

(أحدها) قبضٌ بمجرد إذن الشرعِ دون إذن المستَحِقِّ. وهو أنواع: منها: قبضُ ولاةِ الأمورِ والحكّامِ الأعيانَ المغصوبةَ من الغاصب. وقبضهم أموالَ المصالح والزكاة وحقوق بيت المال، وقبضُهم أموالَ الغائبين والمحبوسين الذين لا يتمكنونَ من حفظ أموالهم، وقبضُهم أموال المجانين والمحجور عليهم بسفهٍ ونحوهم. ومنها: قبضُ مَنْ طَيرت الريحُ ثوبًا، ثم ألقَتْهُ في حجره أو داره. ومنها: قبضُ المضطر من طعام الأجانب بغير إذنهم لِمَا يدفَعُ به ضرورته. ومنها: قبضُ الإِنسان حقَّهُ إذا ظفر به بجنسه.

(والنوع الثاني) قبضُ ما يتوقَّفُ جوازُ قبضِهِ على إذنِ مستحقَّهِ. كقبض المبيع بإذن البائع، وقبض المستام، والقبض في البيع الفاسد، وقبضِ الرهون والهبات والصدقات والعواري والودائع، وقبض جميع الأمانات.

(والنوع الثالث) قبضٌ بغير إذنٍ من الشرع ولا من المستحِق. وهذا قد يكون مع العلم بتحريمه، كقبض المغصوب، فيأثم الغاصبُ، ويضمنُ ما قَبَضَهُ بغير حقًّ ولا إذن. . وقد يكون بغير علم، كمَنْ قَبَضَ مالا يعتقد أنه ماله، فإذا هو لغيره. قال القرافي: "فلا يُقال إنَّ الشرع أذِنَ له في قبضه، بل عفا عنه بإسقاط الإثم" (٢) . وعلى ذلك فلا إثمَ عليه، ولا إباحة فيه، وهو في ضمانه.


(١) قواعد الأحكام في مصالح الأنام (ط. المكتبة التجارية بمصر) : ٢/٧١، شرح تنقيح الفصول للقرافي (بعناية طه عبد الرءوف سعد) : ص ٤٥٥ وما بعدها.
(٢) شرح تنقيح الفصول: ص ٤٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>