للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشترط الشافعية بالإِضافة إلى ذلك نقلَهُ وتحويلَهُ.

* أمّا دليل جمهور الفقهاء على أنَّ قبضَ المقدّرات من المنقولات إنَّما يكون بتوفيتها بالوحدة القياسية العرفية التي تراعى فيها من الكيل أو الوزن أو الذرع أو العدّ، فهو ما روي ((عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجريَ فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري)) . (١) وقوله صلى الله عليه وسلم " من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله "

(٢) . حيث دلَّ على ذلك أنَّ القبض فيه لا يحصل إلا بالكيل، فتعيَّنَ فيما يقدّرُ بالكيل الكيلُ، وقيسَ عليه الباقي. (٣)

١٧- بعد هذا البيان لآراء الفقهاء واختلافاتهم فيما يكون قبضًا للعقار والمنقول تحسن الإِشارةُ إلى حقيقة هامة، وهي أنَّ منشأ اختلافهم هذا إنَّما هو اختلاف العرف والعادة فيما يكون قبضًا للأشياء. قال الخطيب الشربيني: "لأنَّ الشارع أطلقَ القبضَ وأناط به أحكامًا، ولم يبينه، ولا حدَّ له في اللغة، فرجعَ فيه إلى العرف" (٤) . وقال تقي الدين ابن تيمية: "وما لم يكن له حدٌّ في اللغة ولا في الشرع، فالمرجعُ فيه إلى عرف الناس. كالقبض المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: ((من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه)) (٥) . هذا وقد سبق للإِمام الخطابي أن أومأ إلى سبب ذلك الخلاف حيث قال: "القبوضُ تختلف في الأشياء حسب اختلافها في نفسها، وحسب اختلاف عادات الناس فيها" (٦) .


(١) الحديث رواه جابر وأبو هريرة وأنس وابن عباس , ورواية جابر أخرجها ابن ماجه في سننه وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم والدارقطني والبيهقي في سننيهما , وهي معلولة بابن أبي ليلى. ورواية أبي هريرة أخرجها البزار في مسنده وزاد فيها " فيكون لصاحبه الزيادة وعليه النقصان ". وروايتا أنس وابن عباس أخرجهما ابن عدي بإسنادين ضعيفين جدًّا كما قال الحافظ ابن حجر. (انظر نصب الراية: ٤/٣٤ وما بعدها , التلخيص الحبير ٣/٢٧ , سنن الدارقطني والتعليق المغني: ٣/٨ , نيل الأوطار: ٥/٦٨)
(٢) أخرجه مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي: ١٠/١٦٩) ، وأبو داود: ٢/٢٥٢، والنسائي: ٧/٢٨٥، عن ابن عباس.
(٣) انظر مغني المحتاج: ٢/٧٣، المغني لابن قدامة: (ط. دار المنار) : ٤/١١١، كشاف القناع: ٣/٢٠١.
(٤) انظر المهذب: ١/٢٧٠، المغني: ٤/١١٢، المجموع للنووي: ٩/٢٧٥، و (م ٣٣٣) من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإِمام أحمد.
(٥) فتاوى ابن تيمية: (مط. كردستان العلمية بالقاهرة سنة ١٣٢٨ هـ) ٣/٢٧٢.
(٦) معالم السنن للخطابي: (ط. الطباخ بحلب) ٣/١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>