للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها روايات وردت في بيع المصحف، كرواية سماعة عن أبي عبد الله الصادق (ع) :

(سألته عن بيع المصاحف وشرائها قال: لا تشتر عن كتاب الله، ولكن اشتر الحديد والروق والدفتين وقل أشتري منك هذا بكذا وبكذا) (١) .

ولكن الاستدلال بهذا واضح البطلان، فليس النظر إلى ما نحن فيه وإنما يراد تعليم كيفية تصحيح البيع.

* الثاني: ما نقل من الإجماعات أو الشهرة، إلا أنها إجماعات منقولة ومعللة لا يمكن الاعتماد عليها.

ونخلص من كل هذا إلى أن المعاطاة عقد شرعي لازم وأن الفعل يقوم مقام اللفظ في المعاملة اللازمة.

ومن هنا ننتقل إلى موضوع قيام الإشارة والكتابة مقام الفعل ونحن نعتقد أن الأولوية هنا حاصلة.

ولكن قد يقال إن الذي كان متعارفًا هو البيع بالصيغة والبيع المعاطاتي. أما البيع بالكتابة فلم يكن متعارفا فليست هي أسبابًا عقلائية متعارفة.

أو يقال إنه فرد نادر تنصرف عنه الأدلة.

إلا أن الواقع هو أن الكتابة وإن كانت آنذاك فردًا نادرًا لكنها عمل عقلائي مشمول بلا ريب للأدلة.

بل يمكن القول إنها آكد في العقلائية من العمل بلا ريب إذ العمل مجمل المضمون في حين يمكن التمسك بإطلاق ما كتب بلا ريب، وقد يمكن أن يقال إن الكتابة أشد توثيقًا من اللفظ نفسه.

ومن هنا فلا نشك في صحة العقد بالكتابة أو التلغراف وأمثال ذلك، ويحسن هنا أن نشير إلى كلام المحقق والشهيد الثاني.

* النقطة الثانية: في اعتبار الموالاة بين الإيجاب والقبول:

ذكر الكثير من العلماء اعتبار الموالاة بين الإيجاب والقبول وعدم الفصل بينهما بفاصل زمني أو بأجنبي.

قال الشيخ الأنصاري في مكاسبه: (ومن جملة شروط العقد الموالاة بين إيجابه وقبوله ذكره الشيخ – يعني الطوسي- في المبسوط في باب الخلع ثم العلامة والشهيدان والمحقق الثاني والشيخ المقداد: قال الشهيد (الأول) في القواعد: الموالاة معتبرة في العقد ونحوه وهي مأخوذة من اعتبار الاتصال بين المستثنى والمستثنى منه... وأضاف القول: حاصله أن الأمر المتدرج شيئًا فشيئًا إذا كان له صورة اتصالية في العرف فلا بد في ترتب الحكم المعلق عليه في الشرع من اعتبار صورته الاتصالية فالعقد المركب من الإيجاب والقبول القائم بنفس المتعاقدين بمنزلة كلام واحد مرتبط بعضه ببعض يقدح تخلل الفصل بين كل من الإيجاب والقبول بما لا يجوز) (٢) .


(١) الوسائل- الباب الحادي والثلاثين من أبواب ما يكتسب به – الحديث (٢) ج١.
(٢) المكاسب: ص٩٨، وراجع القواعد (للشهيد الأول) – القاعدة (٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>