للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في التعاقد بين الحاضرين، فإن هناك خلافًا في المسألة فقد جاء في الفتاوى الهندية ما نصه: (وللموجب أيًّا كان أن يرجع قبل قبول الآخر، هكذا في النهر الفائق، ولا بد من سماع الآخر رجوع الموجب كذا في التتار خانية. وفي اليتيمة يصح الرجوع وإن لم يعلم به الآخر، كذا في البحر الرائق، لو قال البائع: بعت منك هذا العبد بكذا، ثم قال: رجعت، ولم يسمع المشتري وقال: اشتريت، ينعقد البيع كذا في الظهيرية (١) .

ويستخلص من هذا النص أن هناك رأيًا يذهب إلى وجوب سماع الرجوع، فلو قبل الطرف المقابل قبل أن يسمع رجوع الموجب، انعقد العقد (لأن الرجوع لا ينتج أثره إلا إذا سمعه القابل قبل أن يقبل) . وهناك رأي آخر يرى عدم اشتراط سماع الرجوع، فعلى هذا لو قبل المتعاقد الآخر بعد رجوع الموجب، لا ينعقد العقد، حتى لو كان القابل لم يسمع الرجوع إلا بعد أن قبل (٢) .

اتحاد مجلس التعاقد بين الغائبين في القانون:

عالج المقنن العراقي موضوع اتحاد مجلس العقد ما بين الغائبين من خلال المادة (٨٧) من القانون المدني، فقد نص في الفقرة الأولى منها على ما يلي: (١- يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان والزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ما لم يوجد اتفاق صريح أو ضمني أو نص قانوني يقضي بغير ذلك) .

وواضح من النص المتقدم أن المقنن جارى فقهاء المسلمين عندما اعتبر العقد تامًّا بين الغائبين في المكان والزمان الذي يصل فيه القبول إلى علم الموجب ما لم يكن هناك اتفاق صريح أو ضمني أو نص قانوني يقضي بغير ذلك.

وجاءت الفقرة الثانية من المادة نفسها مؤكدة لما جاء في الفقرة الأولى، حيث نص المقنن فيها على ما يلي: (٢- ويكون مفروضًا أن الموجب قد علم بالقبول في المكان والزمان اللذين وصل إليه فيهما) .


(١) انظر: ٣/٨.
(٢) الأستاذ السنهوري في مصادر الحق: ٢/٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>