للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا نقل النسائي تفسير هذا الحديث عن شعبة عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر (رواه النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي ج ٤ ص / ١٣٨ و ١٤٠) .

وكذلك ليس هذا هو كل شيء من الروايات الواردة في هذا الموضوع فالرواية التي أكملت الصورة وأوضحت العلة، فارتبطت أجزاء ما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الشأن بعضها ببعض هي ما أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنسائي (واللفظ للبخاري) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، والشهر هكذا وهكذا)) يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين وكلهم أوردوا ذلك في كتاب الصوم وقد أخرجه أحمد عن ابن عمر فهذا الحديث النبوي هو عماد الخيمة وبيت القصيد في موضوعنا هذا فقد علل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره باعتماد رؤية الهلال رؤية بصرية لبدء الصوم والإفطار بأنهم أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، فما من سبيل لديها لمعرفة حلول الشهر ونهايته إلا رؤية الهلال الجديد ما دام الشهر القمري يكون تارة تسعة وعشرين وتارة ثلاثين وهذا ما فهمه شراح الحديث من هذا النص.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (ج ٤/١٢٧) : ((لا نكتب ولا نحسب)) (وبالنون فيهما) والمراد أهل الإسلام الذين بحضرته عند تلك المقالة، وهو محمول على أكثرهم..لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضا إلا النزر اليسير فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير..) (١)

والعيني في عمدة القاري قد علل تعليق الشارع الصوم بالرؤية بعلة رفع الحرج في معاناة حساب التسيير كما نقلناه عن ابن حجر ونقل العيني عن ابن بطال في هذا المقام قوله: " لم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، وإنما ربطت عباداتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة، يستوي في معرفة ذلك الحساب وغيرهم.


(١) أضاف ابن حجر بعد ذلك قائلا: " واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا " اهـ. وسنناقش هذه العبارة الأخيرة عن بن حجر ومفهومها فيما بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>