للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- اتصال القبول بالإيجاب: بأن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد إن كان الطرفان حاضرين معًا، أو في مجلس علم الطرف الغائب بالإيجاب.

ويتحقق الاتصال بأن يعلم كل من الطرفين بما صدر عن الآخر، بأن يسمع الإيجاب ويفهمه، وبألا يصدر منه ما يدل على إعراضه عن العقد، سواء من الموجب أو من القابل.

مجلس العقد:

إن مجلس العقد هو الحال التي يكون فيها المتعاقدان مشتغلين فيه بالتعاقد، أو هو اتحاد الكلام في موضوع التعاقد.

ويشترط لتحقيق معنى اتصال القبول بالإيجاب شروط ثلاثة هي:

١- أن يكونا في مجلس واحد.

٢- ألا يصدر من أحد العاقدين ما يدل على إعراضه.

٣- ألا يرجع الموجب في إيجابه قبل قبول القابل الآخر.

ويترتب على الشرط الأول، وهو اتحاد مجلس الإيجاب والقبول: أنه لا يجوز أن يكون الإيجاب في مجلس، والقبول في مجلس آخر، لأن الإيجاب لا يعد جزءًا من العقد إلا إذا التحق به القبول، فلو قال البائع: بعتك الدار بثمن كذا، أو آجرتك المنزل بأجرة كذا، ثم انتقل الموجب إلى مكان آخر بعيد عن مجلسه الأول بحوالي مترين أو ثلاثة، أو إلى غرفة أخرى، انتهى المجلس الأول، فإذا قبل القابل بعد هذا الانتقال، لم ينعقد العقد، ويحتاج إلى إيجاب جديد، لأن الإيجاب كلام اعتباري لا بقاء له، إذا لم ينضم إليه القبول في حال واحدة من المجلس.

فورية القبول:

لا يشترط عند الجمهور غير الشافعية (١) الفور في القبول، لأن القابل يحتاج إلى فترة للتأمل، فلو اشترطت الفورية لا يمكنه التأمل، وإنما يكفي صدور القبول في مجلس واحد، ولو طال الوقت إلى آخر المجلس، لأن المجلس الواحد يجمع المتفرقات للضرورة، وفي اشتراط الفورية تضييق على القابل، أو تفويت للصفقة من غير مصلحة راجحة فإن رفض فورًا فتضيع عليه الصفقة، وإن قبل فورًا فربما كان في العقد ضرر له، فيحتاج لفترة تأمل، للموازنة بين ما يأخذ أو يغنم، وبين ما يعطي أو يغرم في سبيل العقد، لأن المجلس جامع للمتفرقات، فتعتبر ساعاته وحدة زمنية تيسيرًا على الناس، ومنعًا للمضايقة والحرج، ودفعًا للضرر عن العاقدين قدر الإمكان.

وقال الراملي من الشافعية: يشترط أن يكون القبول فور الإيجاب، فلو تخلل لفظ أجنبي لا تعلق له بالعقد، ولو يسيرًا، بأن لم يكن من مقتضاه ولا من مصالحه ولا من مستحباته، لا يتحقق الاتصال بين القبول والإيجاب، فلا ينعقد العقد، لكن لو قال المشتري بعد توجيه الإيجاب له: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، قبلت (أي الشراء) صح العقد (٢) .


(١) البدائع: ٥/١٣٧، فتح القدير: ٥/٧٨، مواهب الجليل للحطاب: ٤/٢٤٠، الشرح الكبير مع الدسوقي: ٣/٥، الشرح الصغير وحاشية الصاوي: ٣/١٧، الشرح الكبير مع المغني: ٤/٤، غاية المنتهى: ٢/٤.
(٢) نهاية المحتاج: ٣/٨، مغني المحتاج: ٢/٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>