وهذا هو عين ما جنح إليه القانون المصري في مادته (٩٤) ، والقانون المغربي في مادته (٩٥) والليبي في مادته (٩٤) .
وهو مبدأ متفق عليه مجمع على أحكامه بصرف النظر على اختلاف في الجزئيات.
والقانون الكويتي، الذي هو حديث عهد بالوضع وقام على أنقاض ما كان معمولًا به في (مجلة الأحكام العدلية العثمانية) التي أصدرتها الدولة العثمانية في شعبان سنة ١٢٩٣هـ الملاقية سنة ١٨٧٦ ميلادية، وهي متبعة للمذهب الحنفي.
هذا القانون الكويتي الحديث الصادر سنة ١٤٠٠هـ - ١٩٨٠م كان مرنًا في أسلوبه وفي صياغته واستفاد من آراء من سبقه، وقد عالج هذا الموضوع معالجة طيبة، فجاءت مادته (٤٦) تشرح التعاقد بين حاضرين في مجلس العقد، فتقول:
(إذا صدر الإيجاب في مجلس العقد من غير أن يتضمن ميعادًا للقبول كان لكل من المتعاقدين الخيار على صاحبه إلى انفضاض هذا المجلس، وإذا انفض مجلس العقد دون أن يصدر القبول اعتبر الإيجاب مرفوضًا) .
وهو يحدد موقفه من خيار المجلس ويأخذ برأي المالكية والحنفية، فيقول في مادته (٤٧) :
(إذا ارتبط الإيجاب بالقبول لزم العقد طرفيه ولا يكون لأي منهما عنه نكوص حتى قبل أن يفترقا بالبدن) .
وقد شرحت المذكرة الإيضاحية هذا الموضوع شرحًا جيدًا فليرجع إليها من أراد الاطلاع عليها.
وما جاءت به القوانين الوضعية في هذا الشأن فيه نوع من الشدة والقسوة بالمقارنة مع ما جاءت به أحكام الشريعة الإسلامية السمحة الميسرة.
ومعلوم أن الخيار في الفقه الإسلامي له أنواع: خيار المجلس وخيار التروّي وخيار النقيصة أو العيب وخيار الرؤية.
وبالتعرض إلى الموضوع بإجمال كلي من ناحية أحكام الفقه الإسلامي، نلاحظ اليسر والسهولة في شأن هذا الخيار الذي اختلفت الآراء في شأنه واختلف الإسناد إليه والاعتماد عليه.
وبصرف النظر عن خيار النقيصة أو العيب فالخيار نوعان:
(أ) الذي عيّن فيه أمد وأجل للخيار.
(ب) والمطلق الذي لم يعين فيه أجل لذلك.
والأخير هو محل ومحط بحثنا لعلاقته المتينة بوجود شخصين حاضرين ماديًّا أو حكميًّا واشتغالهما بإنشاء عقد من العقود التعاملية المدنية ثم بتعاقد غائبين عن بعضهما بواسطة وسيلة من الوسائل قديمة أو حديثة تقليدية أو عصرية متطورة.