للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواضح أيضا لكل ذي علم وفهم أن أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإتمام عدة الشهر القائم ثلاثين حين يغم علينا الهلال بسبب حاجب ما للرؤية من غيم أو ضباب، ليس معناه أن الشهر القائم يكون في الواقع ثلاثين يوما، بل قد يكون الهلال الجديد متولدا وقابلا للرؤية لو كان الجو صحوا، وبالتالي أن اليوم التالي الذي اعتبرناه يوم الثلاثين الأخير من الشهر هو في الواقع أول يوم من الشهر الجديد الذي علينا أن نصومه أو نفطر فيه ولكن لأننا لا نستطيع معرفة ذلك من طريق الرؤية البصرية التي حجبتها حالة الجو ولا نملك وسيلة سواها، فإننا نكون معذورين شرعا إذا أتممنا شعبان ثلاثين وكان هو في الواقع تسعة وعشرين، فلم نصم أول يوم من رمضان إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها بنص القرآن العظيم.

هذا تحليل الموضوع وفهمه عقلا وفقها، وليس معنى إتمام الثلاثين حين انحجاب الرؤية أننا بهذا الإتمام نصل إلى معرفة الأمر وحقيقته في نهاية الشهر السابق وبداية واللاحق وأن نهاية السابق هي يوم الثلاثين.

وما دام من البديهيات أن رؤية الهلال الجديد ليست في ذاتها عبادة في الإسلام وإنما هي وسيلة لمعرفة الوقت وكانت هي الوسيلة الممكنة في أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، وكانت أميتها هي العلة في الأمر بالاعتماد على العين الباصرة وذلك بنص الحديث النبوي مصدر الحكم، فما الذي يمنع شرعا أن نعتمد الحساب الفلكي اليقيني الذي يعرفنا مسبقا بموعد حلول الشهر الجديد فنعلم به، ولا يحجب علمنا غيم ولا ضباب؟

<<  <  ج: ص:  >  >>