للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثاني

الوسائل الحديثة لنقل المكتوب مباشرة

تشمل هذه الوسائل البرقية، والتلكس، والفاكس، حيث تطورت هذه الوسائل بشكل رهيب حيث أصبح من مقدور الإنسان أن ينقل ما كتبه خلال ثوانٍ، أو دقائق معدودة، إلى المكان الذي يريده ما دام لديهما جهاز الفاكس، أو التلكس، حيث ينقل حرفيًّا، بل إن الفاكس ينقل صورة منه طبق الأصل فيوصله إلى الجهاز الآخر مهما كان بعيدًا.

وأما حكم العقود من خلال جهاز الفاكس هو كحكم التعاقد بالكتابة سواء بسواء، إذ أنه ينقل صورة حقيقية من خطابك وتوقيعك دون أي تغيير، أو تبديل، فكما شرحنا سابقًا فإن جهاز الفاكس حينما تضع عليه الورقة المطلوب نقلها إلى آخر، وتدوس على الزر الخاص، فإنه يصوره لك صورة ويرسلها إلى الجهاز الثاني لتظهر الصورة بوضوح على الورق في الجهاز الثاني.

وأما البرقية والتلكس: فهما كذلك مثل الكتابة لكنه مع فارق أن البرقية، أو التلكس لا ينقلان صورة، وإنما يكتب العقد مرة أخرى، لينقل المكتوب إلى الجهاز الثاني، فهو أشبه ما يكون بخطاب شخص يطلب من آخر أن يكتبه ليرسله إلى الثاني، ومن هنا فلا بد من ملاحظة كون هذا الخطاب من الشخص الفلاني، فإذا ادَّعى أحدهما التزوير فعليه الإثبات من خلال الوسائل المتاحة له.

وعلى أية حال فإن التعاقد بهذه الأجهزة مثل التعاقد عبر الكتابة، ولذلك نذكر آراء الفقهاء في هذه المسألة، ثم نعود لنوضح حكم إجراء العقود بهذه الوسائل الحديثة من حيث مجلس العقد، ووقت تمام العقد، وخيارات المجلس الثلاثة.

التعاقد بالكتابة:

١- ثار خلاف بين الفقهاء في مدى الاعتداد بالكتابة كتعبير عن الإرادة سواء كانت بين حاضرين، أم غائبين، ويمكن ضبط توجهاتهم في ثلاثة اتجاهات وهي:

اتجاه التوسع، وهذا يمكن في اعتبار الكتاب كالخطاب سواء كان بين الحاضرين أو الغائبين، وإلى هذا ذهب المالكية، والحنابلة، وبعض الشافعية، لكنهم جميعًا – ماعدا وجهًا للشافعية – استثنوا من هذا الحكم النكاح لخصوصيته، واشتراط الشهود فيه (١) .


(١) يراجع لتفصيل ذلك: بلغة السالك: ٢/١٧، والدسوقي: ٢/٣، وشرح الخرشي: ٥/٥، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير: ٢/١٦٦، وكشاف القناع: ٣/١٤٨، والروض المربع: ٦/٢٤٩، والمغني: ٧/٢٣٩، والمجموع: ٩/١٦٨، والأشباه للسيوطي: ص٣٣٤، وفتح العزيز: ٨/١٠٣، والروضة: ٨/٣٩، والمهذب: ١/٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>