للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: الخيارات المتعلقة بمجلس العقد في البرق والتلكس والفاكس:

سبق أن ذكرنا بإيجاز بأن هناك ثلاثة خيارات تترتب على مجلس العقد هي: خيار الرجوع، وخيار القبول، وخيار المجلس.

فعند الجمهور – ما عدا المالكية: عندما يكون الإيجاب بصيغة الماضي – يجوز للموجب أن يرجع من إيجابه في غير الخلع والعتق (١) قَبْل قبول المكتوب إليه، فإذا قَبِل فقد تم العقد ولزم العقد عند الحنفية والمالكية الذين لا يقولون بخيار المجلس، وأما عند الشافعية والحنابلة فيبقى لكل واحد منهما حق خيار المجلس، وأما خيار القبول فعلى ضوء ما ذهب إليه الجمهور – أي ما عدا الشافعية – فإن المكتوب إليه له الحق في القبول ما داما في المجلس إلا إذا صدر من أحدهما ما يدل على الإعراض عن العقد، وأما الشافعية فاشترطوا الفورية في القبول، لكنهم أعطوا حق خيار المجلس بعد القبول للطرفين.

يقول الكاساني: (ولو كتب شطر العقد، ثم رجع صح رجوعه، لأن الكتاب لا يكون فوق الخطاب، ولو خاطب ثم رجع قَبْل قبول الآخر صح رجوعه فههنا، أولى، وكذا لو أرسل رسولًا ثم رجع، لأن الخطاب بالرسالة لا يكون فوق المشافهة، وذا محتمل للرجوع فههنا أولى) (٢) . وجاء في الفتاوى الهندية: (وللموجب أيًّا كان أن يرجع قبل قبول الآخر) (٣) ، ولا يشترط وصول رجوعه إلى علم القابل، قبل قبوله، فقد نقل ذلك صاحب الفتاوى الهندية عن علماء المذهب فقال: (ويصح رجوع الكاتب والمرسل عن الإيجاب الذي كتبه، وأرسله قبل بلوغ الآخر وقبوله سواء علم الآخر أو لم يعلم، حتى لو قبل الآخر بعد ذلك، لا يتم البيع، كذا في فتح القدير) ، وقال أيضًا: (وبعدما كتب شطر العقد، أو أرسل رسولًا إذا رجع عن ذلك صح رجوعه سواء علم الرسول أو لم يعلم، كذا في العيني شرح الهداية) (٤) .

وأما عند الشافعية فإن القبول لا بد أن يكون فور وصول البرقية أو التلكس أو الفاكس، يقول النووي: (قال أصحابنا: وإن قلنا: يصح – أي البيع ونحوه بالمكاتبة – فشرطه أن يقبل المكتوب إليه بمجرد اطلاعه على الكتاب، هذا هو الأصح وفيه وجه ضعيف: أنه لا يشترط القبول، بل يكفي التواصل اللائق بين الكتابين) ، ثم قال: (وإذا صححنا البيع بالمكاتبة جاز القبول بالكتب وباللفظ، ذكره إمام الحرمين وغيره ... ) (٥) .


(١) المصادر السابقة: وراجع: ابن عابدين: ٤/١١، وقد جاء فيه: (فله – أي للموجب – الرجوع، لأنه عقد معارضة بخلاف الخلع والعتق على مال حيث يتوقف اتفاقًا، فلا رجوع، لأنه يمين نهاية، أي يمين من جانب الزوج والمولى.
(٢) بدائع الصنائع: ٦/٢٩٩٤.
(٣) الفتاوى الهندية: ٣/٨.
(٤) الفتاوى الهندية: ٣/٩، ويراجع فتح القدير: ٥/٧٤.
(٥) المجموع: ٩/١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>