أما أنه لو نقل الشفرات على شريط مكتوب فرضًا فإنه حينئذٍ يكون حكمه حكم البرقية ما دامت واضحة مفهومة.
وكذلك يمكن إجراء العقود من خلال الراديو، أو التلفزيون، ولا سيما في الإيجابات العامة الموجهة للجمهور كالجعالة (والوعد بالجائزة) وقد عثرنا على نصوص فقهية تؤصل هذه المسألة.
ثم أنهينا القسم الأول بثلاثة ضوابط:
أولاها: إن العقود التي تتم من خلال التليفون، أو الراديو، أو التلفزيون، أو اللاسلكي يكون احتمال التزوير وتقليد الصوت، والدبلجة التلفزيونية واردًا، ولذلك نسمع دعوى من ادعي ذلك، ولكنه يقع عليه عبء الإثبات لأنه المدعي (والبينة على المدعي، واليمين على من أنكر) .
ثانيتها: إن العقود بالتليفون ونحوه تصح فيما لا يشترط فيه القبض الفوري بدون إشكال، أما ما يشترط فيه القبض الفوري فإنما تصح بالتليفون إذا تم القبض بعد انتهاء المحادثة مباشرة كأن يكون لكل واحد منهما عند الآخر وكيل بالتسليم مثلًا – أو نحو ذلك – وإلا فلا يتم عن طريق التليفون ونحوه.
ثالثتها: إن مجلس العقد بالتليفون ونحوه، ينتهي بانتهاء المحادثة إلا إذا كان العقد يتم من خلال المزايدة، حيث ذهب المالكية إلى أن الشخص الذي يعرض رضاه بثمن معين في المزايدة فليس له حق الرجوع حتى ولو طال.
وهذا الرأي في نظرنا يحقق المصلحة والتوازن والاستقرار.
وأما إجراء العقود بالوسائل الحديثة لنقل المكتوب مباشرة مثل البرقية والتلكس، والفاكس، فهو كحكم التعاقد بالكتابة سواء بسواء، ولذلك ذكرنا الاتجاهات الثلاثة حول التعاقد بالكتابة، ورجحنا اتِّجاه الموسعين الذين جعلوا الكتاب كالخطاب.
وقد تطرقنا إلى الصعوبات الفني التي تعترض طريق التعاقد بالبرقية، أو التلكس، أو الفاكس، من حيث تصوير مجلس العقد، ووقت تمامه، وما يترتب على المجلس من خيارات.
فبخصوص مجلس العقد قرر الفقهاء أن مجلس العقد بالنسبة للغائبين في حالة الكتابة، أو الرسول هو مجلس وصول الكتاب، وحضور الرسول، ولذلك اعتبرنا أن مجلس العقد بالنسبة للتعاقد بالبرقية، أو التلكس، أو الفاكس هو مجلس وصول البرقية أو التلكس، أو الفاكس.