للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن، فإن الجانب الأساسي لموضوعنا (أي التعاقد بوسائل الاتصال الحديثة) الذي يهم الفقهاء المعاصرين يتمثل أولًا في القيام بتثبيت أوجه الشبه والخلاف بين أشكال التعاقد بوسائل الاتصال الحديثة وبين الأشكال المذكورة في الكتب الفقهية، وثانيًا في تسليط الأضواء على هذه الأحكام آخذًا بعين الاعتبار الظروف المستجدة، وثالثًا في بعض الإضافات والتبديلات إذا اقتضى الأمر ذلك.

ويجدر بنا أن نشير هنا إلى مسألة إجراء بعض العقود بواسطة الأجهزة الأتوماتيكية الحديثة في وقتنا الحاضر، وبعبارة أصح إلى مسألة قيام هذه الأجهزة مقام أحد طرفي العقد (أو كليهما) لما لها من صلة وثيقة بموضوعنا مع أنها لا تعد في نطاق إجراء العقود بوسائل الاتصال الحديثة مباشرة.

من المعلوم أن بعض العقود التي يكون (المعقود عليه) فيها بيع بعض الأشياء أو الأمتعة أو تقديم بعض الخدمات يتم عن طريق أجهزة أوتوماتيكية في يومنا الحاضر. وإذا تناولنا موضوع جواز أو عدم جواز انعقاد العقود بمثل هذه الطريقة في ضوء ما ورد في الكتب الفقهية من مبادئ وقواعد مثل مبدأ الرضا والتيسير ومراعاة العرف فإن النتيجة تكون في اتجاه الجواز. إلا أن الموضوع إذا تم تناوله في إطار أحكام المعاطاة التي هي أبرز المباحث في الكتب الفقهية لتسليط الأضواء على الموضوع، فإنه يحتمل أن يصير إلى نتيجة سلبية من منظار بعض الفقهاء وبخاصة الفقهاء الشافعية (١) .

أما دراسة مسألة التعاقد عن طريق بعض الأجهزة الأوتوماتيكية من ناحية ماهية (الإيجاب) و (القبول) فستأتي تحت العنوانين (٢-١-١) و (٣-١-١) من هذا البحث.


(١) يقترح د. القره داغي كلمة (البذل) بدل (المعاطاة) أو (الفعل) . ينظر في مَنْ يُجَوِّزُ التعاقد بهذه الطريقة ومَنْ لا يُجَوَّزُه، وأدلة كل الفريقين، ومناقشتها: القره داغي، مبدأ الرضا في العقود/ دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي والقانون المدني، بيروت، ١٤٠٦هـ /١٩٨٥م، ٢/٩١٧-٩٣٢؛ موسى (م. ي.) ، الأموال ونظرية العقد، ص٣٧٠-٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>