للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إزاء المعلومات السابقة وخاصة إزاء ظروف وقتنا الحاضر، ينبغي القول بأن توجيه الإيجاب إلى الجمهور يجوز وبأن العقد بهذه الطريقة ينعقد. وعلى هذا يجب مثلًا اعتبار عرض البائع سلعته في الواجهة ووضع قائمة الأسعار بإزائها إيجابًا ويجب القول بانعقاد العقد إذا التقى هذا الإيجاب بالقول ممن له أهلية التعاقد. (وعلى هذا الحكم نصت التشريعات الحديثة، نحو الفقرة الأولى من المادة (٨٠) من القانون المدني العراقي) . لأن التراضي قد تحقق ولأن مبادئ الفقه الإسلامي في هذا الموضوع (الرضا، رفع الحرج، ومراعاة الاستعمال الشائع أو العرف العادة) تستوجب هذا القول (١)

إلا أنه يجب الانتباه هنا إلى التفرقة بين حالات الإيجاب وحالات الدعوة إلى الإيجاب. لأن جميع التعبيرات المتعلقة بإرادة التعاقد لا تعتبر إيجابًا. وعلى هذا، فإن التعبير الذي لا يشكل الكلمة الأخيرة لإنشاء العقد أو – بعبارة أخرى – فإن الاقتراح أو العرض الذي لا يريد صاحبه أن يلتزم به في حالة ما إذا صدر القبول من الطرف الآخر، لا يعد (إيجابًا) بل يعد (دعوة إلى الإيجاب) . فاقتراحات التعاقد بواسطة الإعلانات المذاعة في الراديو والتلفزيون ونحوهما، والمنتشرة في الجرائد ونحوها، والملصقة على الجدران، وما شبه ذلك، هذه كلها من قبيل الدعوة إلى الإيجاب في غالب الأحيان. ومن ثم فإن حل القضية لا يكون أمرًا سهلًا في جميع الأوقات فيما إذا طرح سؤال هل هذا التعبير إيجاب أم دعوة إلى الإيجاب؟ ، ويجب في هذه الحالة الرجوع إلى قواعد التفسير. (للتعبير عن الإرادة) . ويمكن استخراج قاعدة في هذا الموضوع إذا عبرنا عما سبق من توضيحاتنا بطريقة التعبير الإيجابي وهي: كل حالة يمكن القول فيها بأن صاحب الاقتراح قال كلمته الأخيرة معيِّنًا ومبيِّنًا جميع العناصر اللازمة لإنشاء العقد وكذلك يمكن التأكد من أنه أراد أن يلتزم باقتراحه هذا إذا صدر قبول يوافقه فالتعبير فيها يعد إيجابًا. (وفي نفس المعنى جاءت أحكام في التشريعات الحديثة، منها الفقرة الثانية من المادة (٨٠) من القانون المدني العراقي) (٢)


(١) يجب التنبّه هنا إلى أن الموضوع وإن كان له علاقة نسبية بمسألة المعاطاة فإن أحكام المعاطاة لا تكفي لحل القضية.
(٢) انظر في هذا الموضوع من وجهة نظر الفقه الغربي: SCHWARZ، Borclar، vol. ١، p. ٢٠٩-٢١١; GHESTIN (Jacques) ، Traite de Droit Civil/Les Obligations- Le Contrat، Paris، ١٩٨٠، vol. ٢، p١٦٠. ; TUNCOMAG، Borclar vol. ١، p.١٢٨-١٢٩ ; TEKINAY، (Selahattin Sulhi) ، Borclar Hukuku، Istanbul، ١٩٧٩، p.٨٩-٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>