للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) رفض المخاطب للإيجاب:

وهذا الرفض أيضًا نوعان:

(أأ) الرفض الصريح: يبطل مفعول الإيجاب بالإجماع إذا رفضه الطرف الثاني (١) . هل يشترط لبناء الحكم على هذا الرفض علم الموجب برفض الإيجاب؟

وللإجابة على هذا التساؤل نجد الدكتور الدريني أنه يشير أولًا إلى عدم تعرض الفقهاء لهذه المسألة صراحة ثم يحاول أن يتوصل إلى نتيجة بطريقة قياس (رفض الإيجاب) على (القبول) ، حيث يقول (مشيرًا إلى الرأيين المتعلقين باشتراط أو عدم اشتراط سماع القبول من طرف الموجب لانعقاد العقد واللذين سنتناولهما بعد قريب تحت عنوان تحديد وقت انعقاد العقد) :

(وقد رأينا أن الرأي الراجح في التعاقد بين حاضرين هو اشتراط سماع القبول، وأن بعضهم لا يشترط هذا السماع وإنما يكتفي بسماع القابل نفسه. ومقتضى القول الأول أن الموجه إليه الإيجاب لو رفض ولم يسمعه الموجب ثم قبل وسمعه الموجب فإن العقد ينعقد، لأنه قد تحقق شرط الانعقاد وهو سماع القبول، ولأنهم يرون أن تحقق الكلام لا يكون إلا بسماع الغير. ومقتضى القول الثاني أنه لو رفض فإن الإيجاب يسقط ولو لم يسمعه الموجب لأنهم يرون تحقق الكلام بسماع نفسه ولو لم يسمعه الغير) (٢) .

ولكننا لانرى مبررًا لقياس (رفض الإيجاب) على (القبول) بل نعتقد بأنه قياس مع الفارق، كما نرى أنه يجب ملاحظة رفض الإيجاب تعبيرًا متلقى. ونظرًا لأن أهمية هذه المسألة تتجلى في التعاقد بين الغائبين أكثر منه في التعاقد بين الحاضرين سنتناولها تحت عنوان (٣-٣-٢) .

(ب ب) الرفض الضمني: يمكن أن يتحقق الرفض الضمني في أحكام مختلفة.

فالتغيير الواقع في الإيجاب في صالح الموجب وإنشاء القبول قد يعتبر رفضًا ضمنيًّا وإيجابًا جديدًا مبتدأ من طرف المخاطب كما يمكن اعتباره موافقة ضمنية. وقد أخذ الفقه الحنفي بالاعتبار الثاني (٣) ، وأخذت بعض التشريعات الحديثة مثل القانون المدني المصري (في المادة ٩٦) والقانون المدني السوري (المادة ٩٧) بالاعتبار الأول وهذا ما يوافق ظاهر المذهب الشافعي. وكذلك عدت بعض القوانين أن الجواب المعلق بشرط أو بقيد بمثابة رفض للعرض مع اقتراح عرض جديد (المادة ١٨٢ من قانون الموجبات والعقود اللبناني) النووي، المجموع، ٩/١٦٩-١٧٠؛ محمصاني، النظرية العامة، ٢/٤١؛ موسى (م. ي.) ؛ الأموال ونظرية العقد، ص٢٥٦؛ يقول د. الزحيلي: (وقد نص القانون الإماراتي (م.١٤٠) ؛ والأردني (م.٩٩) على وجوب تطابق القبول للإيجاب ولم يجز الزيادة في الإيجاب ... وهذا موافق لرأي الجمهور غير الحنفية) ، العقود المسماة، ص٣٠. .


(١) القره داغي، مبدأ الرضا، ٢/١٠٧٣.
(٢) الدريني، التراضي، ص٣٢٦-٣٢٧.
(٣) مجلة الأحكام العدلية، المادة: ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>