للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قلنا بأن مجرد قبول المخاطب يكفي لانعقاد العقد نكون قد تبنينا (نظرية الإعلان) المعروفة في دراسات نظرية العقد. أما إذا لم نكتف بهذا واشترطنا اطلاع الموجب على القبول فيعني هذا أننا نرجح (نظرية القبول) (١) .

ونجد الدكتور سوار – مشكورًا – قد حقق دراسة قيمة في هذا الموضوع يسترشد ويستنير بها الباحث لمعرفة جواب هذه القضية من واقع الفقه الإسلامي. وقد توصل د. سوار في بحثه هذا إلى النتائج التالية (باختصار شديد) :

(أ) الفقه الحنفي: هناك رأيان في الفقه الحنفي:

(أأ) نظرية العلم: يعتبر أصحاب هذه النظرية أن القبول هو (تعبير متلقي) . وعلى هذا فإن وقت انعقاد العقد هو وقت علم الموجب بالقبول. وهذا الرأي – وأول من قال به أو نصر البلخي عام ٣٠٥هجرية – هو الرأي السائد في الفقه الحنفي (٢) .

(ب ب) نظرية الإعلان: وحسب أصحاب هذه النظرية أن القبول ليس تعبيرًا متلقًّى بل هو (تعبير ملقي) . وعلى هذا ينعقد العقد بمجرد إعلان القبول (٣) .

(ب) المذهب الشافعي: يفترق المذهب الشافعي عن المذهب الحنفي في صدد تكون العقود بين حاضرين افترقا أساسيًا فبينما يذهب الرأي السائد في المذهب الحنفي إلى تطلب الإعلام المنشئ في كل من الإيجاب والقبول، ويأخذ بنظرية القبول، يلاحظ أن المذهب الشافعي يقرر انتفاء ضرورة الإعلام في التعبيرين التعاقدين، ويأخذ بنظرية إعلان القبول. ذلك أن العقد ينعقد في المذهب الشافعي بمجرد صدور القبول وإن لم يكن مسموعًا من الموجب. (إلا أنه يلاحظ أيضًا أن المذهب الشافعي قد تشدد في تطلب إظهار التعبير إظهارًا كافيًا بحيث يسمعه من هو بقرب صاحب التعبير عادة. ولعل المذهب الشافعي قد توخى من اشتراطه لسماع القريب من صاحب التعبير تأمين وسيلة للإثبات تحول دون نكران صاحب التعبير لتعبيره) (٤) .


(١) بما أن الأهمية التي تحظى بها هذه النظريات – باعتبار نتائجها العملية – تتبلور في التعاقد بين الغائبين بوضوح أكثر، ستتم دراستها تحت عنوان (٣-٣-٣) .
(٢) لا يشترط بعض أصحاب هذا الرأي السماع في الإيجاب والقبول في العقود كلها، فمنهم من يشترطه في النكاح ولا يشترطه في البيع مثلًا، انظر لعرض تاريخي لهذه الآراء: سوار، التعبير، ص٦٠٢ وما بعدها (الملحق رقم١) .
(٣) انظر لتحليل كل من هذين الرأيين ومقارنتهما: سوار، التعبير، ص١١٢-١١٧.
(٤) سوار، التعبير، ص١١٧-١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>