للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) وإيجاب غير ملزم، وهو الذي لا يلتزم صاحبه البقاء عليه، وفي هذا يجوز الرجوع وإن امتنع العدول عنه السنهوري (عبد الرزاق أحمد) ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، بيروت، ط. دار إحياء التراث العربي، ١/١٨٢-١٨٤؛ موسى (م. ي.) ، الأموال ونظرية العقد، ص٢٦٢-٢٦٣.TEKINAY , BORCLAR, HUKUKU , P. ٨٩-٩٠

ويشرح الدكتور السنهوري الفرق الأساسي بين الفقه الإسلامي والتشريع الوضعي في هذا الموضوع بكلماته التالية: (والظاهر أن العقد في الفقه الإسلامي ينبني على توافق الإرادتين دون تحفظ، فهو رضائي إلى حد جاوز فيه القوانين التي تأخذ برضائية العقد. ومما يدل على ذلك أن الموجب لو أرسل إيجابه في كتاب أو مع رسول، ثم عدل عن هذا الإيجاب، دون أن يعلم الطرف الآخر، وقبل هذا بعد العدول، فإن العقد لا يتم لعدم توافق الإرادتين وقت صدور القبول. وقد علمنا أن القوانين الحديثة تجعل الإيجاب قائمًا قيامًا حكميًّا حتى لو عدل عنه الموجب ما دام لم يصل هذا العدول قبل أو مع وصول الإيجاب , فلو قبل الطرف الآخر إيجابًا، عدل عنه الموجب، ولكنه (أي الطرف الآخر) لم يعلم بهذا العدول، فإن العقد يتم بالرغم من ذلك، وينبني على الثقة المشروعة لا على توافق الإرادتين) (١) .

ويعبر الدكتور الدريني عما توصل إليه من نتائج في هذا الموضوع- ونحن نشاركه في رأيه هذا – كالتالي: (وأما عدم اشتراط علم الطرف الآخر برجوع الموجب فإن فيه ضررًا بهذا الطرف الآخر، لأنه يكون قد رتب أموره على هذه الصفقة وقد يكون رفض غيرها. وقد رأينا أن أبا حنيفة يشترط في الفسخ في الخيار علم الآخر (٢) لأن هذا الآخر قد يعتمد تمام البيع فلا يطلب لسلعته مشتريًا وقد تكون المدة أيام رواج بيع المبيع وفي ذلك ضرر لا يخفى. فينبغي من أجل دفع الضرر اشتراط علم الطرف الآخر برجوع الموجب في التعاقد بين غائبين كما في التعاقد بين حاضرين عند من يشترطون العلم بالرجوع) (٣) .

(وستتبلور أهمية اشتراط علم المخاطب بالرجوع عن الإيجاب من خلال تصويرنا لمسألة الإيجاب المحدد بمدة معينة أدناه) .

وينبغي لنا أن نذكر هنا قضية إلزامية الإيجاب أو عدم إلزاميته إذا حدد الموجب للطرف الآخر مدة يقبل الإيجاب فيها أو برفضه. وقد سبق أن أشرنا إلى هذه القضية بالنسبة للتعاقد بين الحاضرين تحت عنوان (٢-١-٢) ، وبالنظر إلى شرحنا في هذا الموضوع يتبين لنا أنه يمكن القول بأن المبادئ السائدة في فقه الالتزامات المالكي تقتضي اعتبار مثل هذا الإيجاب ملزمًا طيلة المدة المحددة كما يمكن القول بأن هذا الرأي هو الأوفق لمبادئ الفقه الإسلامي بصفة عامة.


(١) السنهوري، نظرية العقد، ص٣٠٢.
(٢) إن الفسخ بخيار العيب من التعبيرات المتلقاة المجمع عليها في الفقه الحنفي، انظر: سوار، التعبير، ص ١٤٧
(٣) الدريني، التراضي، ص٣٢٣-٣٢٤، ٣٢٥-٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>