للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك كله، يجب الانتباه إلى أن الرأي القائل بعدم سقوط الإيجاب إذا رفضه المرسل إليه ما لم يصل خبر الرفض إلى الموجب، لا يجد مجالًا واسعًا في حيز التطبيق إذا انطلقنا من الرأي الحنفي بخصوص الرسالة ومن الرأي الحنفي الشائع بخصوص الكتابة، لأن مجلس العقد في التعاقد بين الغائبين ينتهي كما في التعاقد بين الحاضرين وكذلك لا تختلف النتيجة في هذه المسألة اختلافًا كبيرًا إذا اعتمدنا على الرأي الشافعي الذي يقول بخيار المجلس أيضًا. أما إذا انطلقنا من رأي الجمهور المالكية الذي يقول بإلزامية الإيجاب وخاصة في حالة تحديد مدة معينة للقبول فإن هذه المسألة قد تكتسب أهمية كبيرة في المدة التي يبقى فيها ملزمًا لصاحبه.

وقد نصت المادة (١٧) من اتفاق فيينا على أن الإيجاب –وإن كان غير قابل العدول عنه- يسقط بوصول رفضه إلى الموجب.

٣-٣-٣- تحديد وقت انعقاد العقد:

ينبغي لنا قبل كل شيء أن نسترعي الانتباه إلى أن دراساتنا تحت هذا العنوان، ستنصب فقط على مسائل التعاقد الذي يأخذ حكم التعاقد بين الغائبين باعتبار التكييف الفقهي. أما التعاقد الذي يتحقق بين طرفين غائبين بالفعل أي متباعدين باعتبار المكان، والذي قد يأخذ مع هذا، حكم التعاقد بين الحاضرين من حيث الزمان نظرًا لشكل جريان المعاملة أي لاتحاد المجلس كما في التعاقد بين بالحاضرين، فإنه سيتم تناول هذه المسألة تحت عنوان (٤-) .

ومن جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى أننا إذا فكرنا في الموضع بشكل نظري يمكن أن نتصور أن العقد بين الغائبين (أي بالمراسلة) يتم بالنسبة لأحد الطرفين في زمان ومكان غير الزمان والمكان اللذين يتم فيهما بالنسبة للطرف الآخر، ولكن هذا لا يستقيم مع الحاجات العملية التي تقتضي في كثير من الأحوال وحدة الزمان والمكان الذين يتم فيهما العقد بالنسبة لكل من الطرفين (١) .

(أ) النظريات التي تحدد وقت انعقاد العقد:

للإجابة على سؤال (متى يتم العقد؟)

يمكن صياغة نظريات مختلفة حسب الاحتمالات المنطقية المتنوعة. وفي إطار أعمال صياغة النظريات في هذا الموضوع ظهرت واشتهرت أربع نظريات حسب الاحتمالات الأربعة الرئيسية:

١- نظرية إعلان القبول (Theorie de la declaration) :

تقوم هذه النظرية على أن العقد توافق بين إرادتين، وتقول بأن العقد يتم وقت إعلان المرسل إليه عن رغبته في القبول وذلك قبل إرسال الجواب وقبل وصوله إلى الموجب أو العلم به من طرفه.


(١) السنهوري، نظرية العقد، ص٢٩٢ هامش٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>