للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا مانستخلصه من ظاهر النصوص ولكنا مع ذلك نرى أن الفقهاء لم يواجهوا، في وجوب سماع الموجب للقبول، حالة التعاقد بين الغائبين مواجهة صريحة. وهم لم يواجهوا في ذلك إلا حالة التعاقد بين الحاضرين، ولو أنهم واجهوا الحالة الأولى كما واجهوا الحالة الثانية، لما كان بعيدًا ـ أن تختلف الآراء فيها. بل نحن نذهب إلى أبعد من ذلك، ونقول إن منطق القاعدة التي تقول بوجوب سماع الموجب القبول في التعاقد بين حاضرين تقتضي القول بوجوب علم الموجب بالقبول في التعاقد بين غائبين والسماع في حالة حضور الموجب يقابله العلم في حالة غيابه) (١)

* ويقول الدكتور محمصاني استنتاجًا من بعض ماورد في الكتب الفقهية من العبارات في هذه المسألة ودون أن يقوم بتحليل أو تقييم: (فإذن، تنتمي الشريعة الإسلامية إلى نظرية إعلان القبول) (٢) .

* ويقول الدكتور سوار – بعد أن أشار إلى مساوئ كل من نظرية الإعلان ونظرية القبول (٣) : (عن المآخذ الجدية التي أسلفنا عرضها والتي تلحق بنظريتي العلم والإعلان تدعونا إلى التخلي عن كلتي النظريتين بوضعهما الحالي المعيب) ، ثم يشير إلى الحل السليم –في نظره- بقوله: (وإننا لواجدون مفتاح هذا الحل بكل يسر وسهولة في الفصل بين انعقاد العقد ولزومه. وذلك بالعمل على تعجيل انعقاد العقد بحيث يكفي لانبرامه مجرد صدور القبول، وهذا هو الوجه الحق في نظرية الإعلان. وتأخير لزوم العقد بحيث لا يكفي وجود شطريه لكي يغدو لازمًا، لا بد لهذا اللزوم من التقاء الشطرين وعلم الموجب بالقبول، وهذا هو وجه الصواب في نظرية العلم) (٤) .

وبعد ذلك يقترح د. سوار نظرية جديدة أطلق عليها (نظرية خيار الطريق (في ظل نظرية الإعلان) انطلاقًا من فكرته المشار إليها أعلاه. كما يقوم بتوضيح نظريته تحت العناوين التالية: نطاقها، أحكامها، تأصيلها وتسميتها، مزاياها (٥) . ونحن دون أن نتطرق إلى تفاصيلها نكتفي هنا بذكر ملخص نظرية خيار الطريق للدكتور سوار، إذ يقول: (تقنين من وضعنا: وبناء على ما تقدم نقترح تعديل نص المادة (٩٨) من القانون المدني السوري بحيث يصبح على الشكل الآتي (م.٩٨) : (١) يعتبر التعاقد بين الغائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذين صدر فيهما القبول ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك. (٢) لكل من العاقدين خيار الرجوع عن العقد قبل وصول القبول الصريح إلى علم الموجب وينتقل هذا الخيار على الوارث حال وفاته، وإلى نائبه الشرعي حال فقده أهليته. (٣) يعتبر وصول القبول إلى علم الموجب قرينة على العلم به ما لم يقم الدليل على عكس ذلك) (٦) .

* يقول الدكتور الدريني أولا: (والمشهور على ألسنة الكتاب أن الفقه الإسلامي يتبع نظرية الإعلان، وهذه المسألة اجتهادية يجب أن يراعي فيها قاعدة دفع الضرر..) وبعد هذا نجد د. الدريني يلح على ضروة عدم الرجوع عن القبول بعد ثبوت القبول، ولهذا يرجح – مبدئيًّا- نظرية الإعلان عن القبول، إلا أنه يجب في نظره اشتراط إرسال القبول في وقت مناسب بموجب قاعدة (دفع الضرر) (٧) . ومع ذلك، فإنه يقول في مكان آخر من كتابه أن سر اكتفاء الفقهاء بالإعلان يمكن إيضاحه باحتواء الإعلان في ظروف زمنهم على علم الموجب بالقبول أيضًا (٨) .


(١) السنهوري، مصادر الحق، ٢/٥٤-٥٦. ويعبر د. السنهوري عن هذه النتيجة في كتابه نظرية العقد (ص٣٠٢) بالعبارة التالية: (ويؤخذ من هذا أن العقد بالمراسلة في الشريعة الإسلامية يتم بإعلان القبول) .
(٢) محمصاني، النظرية العامة، ٢/٦٤، ٦٦.
(٣) سوار، التعبير، ص١٢٩-١٣٢.
(٤) سوار، التعبير، ص١٣٢.
(٥) سوار، التعبير، ص١٣٢-١٤٥.
(٦) سوار، التعبير، ص١٤٥.
(٧) الدريني، التراضي، ص٣٢٢-٣٢٤.
(٨) الدريني، التراضي، ص٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>