للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى أية حال، فإن هذه القضية لم يرد فيها نص خاص كما لم ينقل رأي صريح فيها عن أئمة المذاهب،، ويصبح عندئذ من المعقول أن نقول بأن الفقهاء لم يواجهوا مسائل التعاقد بين الغائبين على شكلها المعروف في الوقت الحاضر. ومن أبرز الأدلة على ذلك أن يقول د. سوار: (إن المآخذ الجدية ... تدعونا إلى النخلي عن كلتي النظريتين (أي الإعلان والعلم) بوضعهما الحالي المعيب) (١) بعد أن قام بانتقاد رأي د. السنهوري، وإن قال: (إن الأخذ بنظرية الإعلان في التعاقد بين غائبين هو موضع إجماع الفقهاء) (٢) .

* رأي الدكتور سوار في النظرية التي يجب الأخذ بها والاعتماد عليها.

يهدف د. سوار إلى إيجاد حل وسط بين نظريتي الإعلان والعلم ويقترح نظرية جديدة وهي (نظرية خيار الطريق) . وحسب هذه النظرية ينعقد العقد بمجرد الإعلان عن القبول إلا أن كلا من طرفي العقد يملك حق الخيار ريثما يطلع الموجب على القبول (ويعتبر وصول القبول إلى الموجب قرينة على علمه به) ، أي أن العقد لا يكتسب الصفة الإلزامية بالنسبة إلى كل من الجانبين إلى وقت اطلاع الموجب على القبول.

ويبدو لنا أن د. سوار بالرغم من نجاحه في دراسة مسائل دقيقة جدًّا في موضوع التعبير عن الإرادة – قد فاتته نقطة الانطلاق لهذه النظريات كما أنه لم ينتبه إلى أحكام الرجوع عن الإيجاب كما ينبغي؛ لأن هذه النظريات تنصب – في الدرجة الأولى – على تحديد وقت اكتساب القبول الصفة الإلزامية ووقت بناء الحكم عليه. أما حق (أو خيار) الرجوع عن الإيجاب يمكن تعيينه بصورةٍ ما في كل من هذه النظريات عدا نظرية الإعلان عن القبول. وحتى أن الأنظمة القانونية التي تقول بعدم إلزامية الإيجاب في الفقه الغربي (مثل فقه الباندكت (Panadect) والفقه الفرنسي الحالي) تميل إلى تحديد خيار الرجوع بوقت القبول أو بوقت تصدير القبول (إذا لم يكن هناك اتفاق خاص بخصوص توسيع حق الرجوع عن الإيجاب) (٣) .


(١) سوار، التعبير، ص١٣٢ وما بعدها.
(٢) سوار، التعبير، ص١٢٣
(٣) انظر: GHESTIN، Traite de Droit Civil، vol. ٢ P.١٦٠.. etc special: ١٩٩-٢٠٠، not.١٢٩; FEYZIOGLU، Borclar، Hukuku، vol. ١، P.٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>