للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: لا نسلم أنه الولي بل هو الزوج، وهذا الاسم أولى به لأنه أملك للعقد من الولي على ما تقدم فالجواب: أنا لا نسلم أن الزوج أملك للعقد من الأب في ابنته البكر، بل الأب يملكه خاصة دون الزوج لأن المعقود عليه هو بضع البكر ولا يملك الزوج أن يعقد على ذلك بل الأب يملكه. وقد أجاز شريح عفو الأخ عن نصف المهر، وكذلك قال عكرمة: وكذلك الذي عَقَدَ عَقْدَ النكاح بينهما كان عمًّا أو أخًا وإن كرهت.

قلت: رحم الله مالكًا ومن قال بقوله فكأنهم غفلوا عن الآية السابقة لهذه الآية والمتصلة بها لا تفصل بينهما آية أو حكم وهي قوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} ، ذلك بأن الذي نُهي عن عزم عقدة النكاح هو الرجل وليس المرأة بدليل أن المنهي عنه هو الرجل، بدليل أن المرأة المتوفى عنها زوجها ليست هي التي تعرض للرجل بالرغبة في الزواج منه في الأعم الغالب، وإنما الرجل هو الذي يعرض للمرأة وقد يتعجل ذلك وما تزال في عدتها، فأبيح له التعريض كما أبيح له الإكنان، وحرم عليه عزم العقدة لأن المرأة في عدتها ما تزال على حال تشبه بقية من عصمة الزوجية بينه وبينها- وإن احتفظ مودة لها بالرغبة في أن تكون زوجًا له في الآخرة- بقية أثر على تصرفاته في الدنيا، فله أن يتزوج إن شاء يوم وفاة زوجه من الناحية الشرعية وإن كان عملا غير لائق في الاعتبار الخُلُقي الصِّرف.

وبما أن الزوج هو الذي يعرض أو يكن فهو المقصود قطعًا بالنهي عن عزم عقدة النكاح وهو – بالتالي- الموصوف بإنه يملك عقدة النكاح فهو {الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} وهو المأذون له بالعفو عن بعض الصداق نصفًا أو أقل. في الآية موضوع النقاش، إذ الذي يملك العزم هو الذي يملك العقدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>