وقال أبو حيان في [البحر المحيط: ٣/٤١١] عند تفسيره هذه الآية:
والظاهر عموم المؤمنين في الملخص والمظهر، وعموم العقود في كل ربط يوافق الشرع سواء كان إسلاميًّا أو جاهليًّا. ثم ساق حديث فرات العجلي ثم قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)((في حلف الفضول وكان شهده في دار عبد الله بن جدعان: ما أحب أن لي به حمر النعم ولو نودي به في الإسلام لأجبت. وساق موجزًا لحلف الفضول)) .
ثم قال:
وكان الوليد بن عقبة أميرًا على المدينة فتحامل على الحسين بن علي في مال فقال: لتنصفني من حقي وإلا أخذت بسيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأدعون بحلف الفضول. فقال عبد الله بن الزبير: لئن دعاني لآخذن بسيفي ثم لأقومن معه حتى ينتصف من خصمه أو نموت جميعًا، وبلغت المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عثمان بن عبد الله التميمي فقالا مثل ذلك وبلغ ذلك الوليد فأنصفه. ويندرج في هذا العموم كل عقد مع إنسان كأمان ودية ونكاح وبيع وشركة وهبة ورهن وعتق وتدبير وتخيير وتمليك ومصالحة ومزارعة وطلاق وشراء وإجارة وما عاقده مع نفسه لله تعالى طاعة بحج وصوم واعتكاف وقيام ونذر وشبه ذلك.
ثم ساق مجمل ما ذكره الطبري عن محمد بن كعب القرظي وابن زيد وغيرهما في تفسير معنى العقد.
وقال محمد رشيد رضا في [تفسير المنار: ٦/١٢٠، ١٢٤] بعد أن ساق مجمل تأويلات المفسرين لهذه الآية.
وقد تجدد لأهل هذا العصر أنواع من المعاملات تبعها أنواع من العقود يذكرونها في كتب القوانين المستحدثة، منها ما يجيزه فقهاء المذاهب الإسلامية المدونة ومنها ما لا يجيزونه لمخالفته شروطهم التي يشترطونها كاشتراط بعضهم الإيجاب والقبول قولا حتى لو كتب اثنان عقدًا بينهما على شيء قولًا أو كتابة (نحو تعاقد فلان وفلان على أن يقوم الأول بكذا والثاني بكذا) من غير ذكر إيجاب أو قبول بالقول وأمضيا ما كتباه (بتوقيعه أو ختمه) ، كذا في النسخة المطبوعة وصوابه عندنا: بتوقيعهما وختمهما –لا يعدونه عقدًا صحيحًا نافذًا، وقد يصيغونه بصيغة الدين فيجعلون التزام المتعاقدين لمباح وإيفاءهما به محرمًا ومعصية لله تعالى لعدم صحة العقد، ويشترطون في بعض العقد شروطًا منها ما يستند على حديث صحيح أو غير صحيح، صريح الدلالة أو خفيّها ومنها ما لا يستند إلا على اجتهاد مشترطه ورأيه، ويجيزون بعض الشروط التي يتعاقد عليها الناس ويمنعون بعضها حتى بالرأي.