للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من شرط صحة الشهادة كونها تنفك عما يكذبها

إن الله سبحانه، يقول: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} ، كما قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} فأمر بإقامة الشهادة لله كما أمر بإقامة الصلاة لله، وإقامة الشهادة هي أن تأتي بها مقومة معدلة غير مائلة ولا مزيفة، بل تشهد على حقيقة ما رأيت وسمعت بثبت وإتقان من غير زيادة ولا نقصان، كما في الحديث على مثل الشمس فاشهد أو دع) .

والشهادة على الهلال هو مما يكثر الاشتباه فيها دائما، بحيث يخيل للشخص انه رأى شيئا ولم يكن شيئا، كما علم بالقطع كثرة وقوع ذلك.

فإذا انحصرت الشهادة على رؤية الهلال في واحد أو اثنين من بين مجموع الناس، فإنها شهادة ظنية ليست يقينية، تشبه الخبر الذي يحتمل الصدق والكذب فهي لا تفيد اليقين قطعا، سيما إذا كان هذا الشاهد أو الشاهدان ممن لا تعرف ثقتهما ولا عدالتهما إذ ليس الخبر كاليقين، ولم يقل احد من أئمة المذاهب الأربعة ولا فقهائهم إنه يجب تصديق خبر مدعي الرؤية وإن لم تعلم عدالته، سيما في هذا الزمان، الذي ضعفت فيه الأمانة وفاض فيه الغدر والخيانة وحاول الكثير من المنافقين بأن يتلاعبوا بالدين {يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} والمناقون في هذا الزمان هم شر من المنافقين الذين نزل فيها القرآن {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} فكان أحدهم يشهد برؤية الهلال في وقت مستحيلة رؤيته فيه، وهذا مما يؤكد بطلان شهادتهم ووقع التساهل في الحكم بها، كما شهدوا في زمان فات برؤية هلال شوال وأمر الناس بالفطر فأفطروا، وعند خروجهم إلى مصلى العيد لصلاة العيد انخسفت الشمس والناس في مصلى العيد، ومن المعلوم أن الشمس لا يخسف بها في سنة الله إلا في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين، أي ليالي الإسرار، كما أن القمر لا ينكسف إلا في ليالي الأبدار، أي ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، كما حقق ذلك أهل المعرفة بالحساب وعلماء الفك وحققه شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع عديدة وأبطل ما يعارضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>