فالاستمرار على هذا الخطأ الناشئ عن الشهادات المزورة لا يجيزه النص ولا القياس، ولن نعذرعند الله وعند خلقه بالسكوت عنه.
ثم أن الناس في هذا الزمان أخذوا يتساهلون في تصحيح الشهادة وتمحيص العدالة، وصار كل واحد مقبول الشهادة على خاصة الهلال، وبناء على هذا التسامح أخذ بعض الناس يتسابقون إلى ادعاء رؤية الهلال بدون تثبثت ولا يقين فدخل الخطأ على الناس في هذه العبادة فصاروا يصومون شيئا من شعبان ويفطرون شيئا من رمضان، بناء على شهادة من لا يعرفون عدالته ولا ثقته.
من ذلك، أنه جاء الخبر من إحدى البلدان برؤية هلال شوال من هذه السنة ليلة الجمعة، وأن يوم الجمعة هو العيد فضجت الأصوات من الإذاعات يأمرون الناس بالفطر يوم الجمعة، لاعتبار انه العيد، فأفطر الناس وفي الليلة الثانية التي هي ليلة السبت، اجتهد الناس لرؤيته فلم يروه قطعا، وفي الليلة الثالثة التي هي ليلة الأحد رآه أفراد من الناس الحادة أبصارهم رأوه ضعيفا، وقد سبره عدد من العقلاء الرؤساء حتى غاب في خمس وعشرين دقيقة، وبعضهم قال: في ثلاثين دقيقة، وهي الليلة الثالثة على حسب هذه الشهادة، وكان الصحابة يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء غيبوبة القمر ليلة الثالثة، كما في سنن أبي داود عن النعمان بن بشير، انه قال: "أنا أعلم الناس بوقت صلاة العشاء الآخرة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها سقوط القمر لثالثه.
لهذا اضطرب الناس من هذه الشهادة، وعرفوا تمام المعرفة أن يوم الجمعة من رمضان وكذا يوم السبت على الراجح، وأخذوا يسألون عن قضاء هذا اليوم أو اليومين، هل يجب أو يستحب أو لا يجب ولا يستحب.