للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مسلم في [صحيحه: ٢/٦٩٧، ٦٩٨، ح١٠٠٦] :

حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا واصل مولى أبي عيينة، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الديلي عن أبي ذر أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ((قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم، يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموال، قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر وفي بُضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) .

وقال أبو داود في [سننه: ٢/٢٦، ٢٧، ح ١٢٨٥] :

حدثنا أحمد بن منيع، عن عباد بن عباد.

وحدثنا مسدد، حدثنا حماد بن زيد (المعنى) .

عن واصل، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((يصبح على كل سلامى من بني آدم صدقة: تسليمه على من لقي صدقة ونهيه عن المنكر صدقة وإماطته الأذى عن الطريق صدقة وبُضعة أهله صدقة ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحى)) .

وتعقبه أبو دواود بقوله: وحديث عباد أتم ولم يذكر مسدد الأمر والنهي وزاد في حديثه: وقال: كذا وكذا، وزاد ابن منيع في حديثه ((قالوا: يا رسول الله أحدنا يقضي شهوته وتكون له صدقة؟! قال: أرأيت لو وضعها في غير حلِّها ألم يكن يأثم؟))

ثم قال [٤/٣٦٢، ح ٥٢٤٣] :

حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد.

وحدثنا أحمد بن منيع، عن عباد بن عباد وهذا لفظه وهو أتم من واصل ... وساق الحديث. .

قال الشاطبي - رحمه الله - في [الاعتصام: ٢/٧٩] :

ثبت في الأصول الشرعية أنه لا بد في كل عادي من شائبة التعبد لأن ما لم يعقل معناه على التفصيل من المأمور به أو المنهي عنه فهو المراد بالتعبدي، وما عقل معناه وعرفت مصلحته أو مفسدته فهو المراد بالعادي.

وقال- رحمه الله - في [الموافقات: ٢/٢٧٩، ٢٨١] :

لما كان التكليف مبنيا على استقرار عوائد المكلفين - قلت: لا حظ جيدا قوله: (على استقرار عوائد المكلفين) - وجب أن ينظر في حكم العوائد لما ينبني عليها بالنسبة إلى دخول المكلف تحت حكم التكليف.

فمن ذلك أن مجاري العادات في الوجود أمر معلوم لا مظنون، وأعني في الكليات لا في خصوص الجزئيات، والدليل على ذلك أمور:

أحدها: أن الشرائع بالاستقراء إنما جيء بها على ذلك ولنعتبر بشريعتنا فإن التكاليف الكلية فيها بالنسبة إلى من يكلف من الخلق موضوعة على وِزَان واحد، وعلى مقدار واحد، وعلى ترتيب واحد، لا اختلاف فيه بحب متقدم ولا متأخر. وذلك واضح في الدلالة على أن موضوعات التكليف – وهي أفعال المكلفين- كذلك. وأفعال المكلفين إنما تجري على ترتيبها إذا كان الوجود باقيًا على ترتيبه، ولو اختلفت العوائد في الموجودات لاقتضى ذلك اختلاف التشريع واختلاف الترتيب واختلاف الخطاب فلا تكون الشريعة على ما هي عليه، وذلك باطل.

الثاني: أن الإخبار الشرعي قد جاء بأحوال هذا الوجود على أنها دائمة غير مختلفة إلى قيام الساعة كالإخبار عن السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما من المنافع والتصاريف والأحوال، وأن سنَّة الله لا تبديل لها وأنَّ {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [سورة الروم: الآية ٣٠] ، كما جاء بإلزام الشرائع على ذلك الوِزَان أيضًا، والخبر من الصادق لا يكون بخلاف مخبره بحال، فإن الخلاف بينهما محال.

<<  <  ج: ص:  >  >>