للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضيلة الدكتور على السالوس:

أريد أن أركز في هذا الموضوع على أمرين:

١- ما يتصل بالخطأ.

٢- الأمر الثاني ما يتصل بالإثبات.

الملاحظ أنه لا خلاف حول إمكان أن تتم العقود بهذه الوسائل المستحدثة ولكن إن كان الخطأ فكيف نتلافاه؟ لأن بعض الإخوة ذكر بأنه إذا حدث خطأ في الوسائل البرقية. وقالوا هذا ممكن، فإن هذا لا يبطل العقد، وإنما نلجأ إلى تضمين الطرف الثالث الذي وقع الخطأ منه. يدخل طرفًا آخر وتم التعاقد على شيء معين، وقد يكون الفرق ملايين، نلجأ إلى العامل أو الهيئة التي أجرت البرقية وهي التي تتحمل الخطأ وتضمنه. وهذا قول أعتقد بأنه غير سائغ، لذلك علينا أن نتأكد بالنسبة للوسائل المستحدثة من عدم الخطأ، بحيث على لجنة الصياغة عندما تصيغ القرار أن تنظر كيف يمكن تجنب الخطأ أي الوسيلة لهذا التجنب.

الأمر الثاني: كيف يمكن إثبات الإيجاب والقبول؟ إذا قلنا مثلًا بالهاتف ونحن في عصر أكثر العقود لا تثبت إلا بالكتابة، بل بالكتابة والتوثيق في كثير من الحالات، نقول: بالهاتف: قلت لك كذا، والآخر يقول أنا لم أقل كذا، أنا لم أوافق على كذا. إذًا هنا أيضًا لا بد أن تثبت لجنة الصياغة عن وسيلة تبين كيف يمكن إثبات الإيجاب والقبول، بحيث لا يستطيع أحد من المتعاقدين أن ينكر أنه قال كذا أو قبل كذا.

فضيلة الشيخ أحمد محمد الشريف:

الحقيقة كانت عندي بعض الملاحظات في هذا الموضوع.

أرى أن هذا الموضوع ليس من الموضوعات الجديرة بالبحث. قد يكون الحكم فيها بديهيًّا، الموضوع الأساسي هو أن العقد ربط الإيجاب بالقبول وهو في الحقيقة تلاقي إرادتين. أما الصيغ فهي الصور التي تحقق هذا التلاقي. الموضوع يتعلق بموضوع الإرادة الظاهرة والإرادة الباطنة. ومن المعلوم أن الشرع الإسلامي يتوجه إلى المعاني لا إلى المباني أي يحكم بالإرادة الباطنة. لكن لما كانت الإرادة الباطنة أمرًا نفسيًّا لا يمكن التعرف عليه إلا بأمر ظاهر، جعل الفقهاء الصيغة قرينة أو دلالة على هذه الإرادة الباطنية. فأية صيغة يمكن أن تعبر عن هذه الإرادة؟ طبعًا نقصد بالإرادة الإرادة التي تكون حرة وسليمة، سليمة من العيوب، عيوب الغلط والإكراه والتدليس على خلاف بين الفقهاء والقانونيين في مدى أثر هذه العيوب في مدى سلامة العقود أو في بطلانها أو فسادها أو توقفها. الوسائل التي كانت موجودة أيام كتابة الفقه كانت الكتابة، ثم لحق التليفون والتلغراف أخيرًا، فألحقوها به، وكذلك أية وسيلة اتصال حديثة تعتبر أيضًا دون معاناة في بحث أو تعمق، صحيح أن الفقه هو عمق في الفهم ولكن ليس دائمًا العمق هو الذي يوصل إلى طبيعة الحكم الشرعي، قد نصل إلى الحكم الشرعي بكل بساطة، دون الحاجة إلى تعمق وسبر أغوار التحليلات الفقهية في كل مسألة ومنها هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>