للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن أن نستشهد لصحة تداول الأسهم بيعًا وشراء بقول النووي – رحمه الله تعالى – في المجموع (١) :

المال إما دين وإما عين، والعين ضربان: أمانة ومضمون.

أما الأمانة فيجوز للمالك بيع جميع الأمانات قبل قبضها، لأن الملك فيها تام، وهي كالوديعة في يد المودع ومال الشركة والقراض في يد الشريك والعامل (٢) .

وهذا الكلام مجمل، يحتاج إلى شيء من التفصيل.

ونبدأ هذا التفصيل بالكلام على أنواع الأسهم:

(أ) تقدم أن الأسهم تنقسم من حيث الحصة التي يدفعها الشريك إلى:

١- نقدية، وهي التي تدفع نقدًا.

٢- عينية، وهي التي تدفع أموالًا من غير نقد.

وقد أجمع الفقهاء على جواز الشركة بالأثمان المطلقة، التي لا تتعين بالتعيين في المعاوضات كالنقدين (٣) .

وتعتبر الفلوس الرائجة، والأوراق النقدية في حكم النقدين (٤) .

وعلى هذا فلا خلاف في إصدار السهم النقدي والتعامل به.

واختلف العلماء في جواز الشركة بالعروض إذا قومت، فذهب المالكية إلى صحتها في العروض المقومة، وأما الشافعية فذهبوا إلى صحتها في المثليات من العروض (٥) .

وعلى هذا يمكننا أن نحكم بصحة إصدار السهم العيني والتعامل به، اختيارًا لمذهب من قال به، وتيسيرًا على المسلمين في معاملاتهم، لا سيما أن المانعين لم يستدلوا على المنع بدليل نقلي – والله أعلم (٦) .

(ب) وتنقسم الأسهم من حيث الشكل إلى:

١- أسهم اسمية، وهي التي تحمل اسم صاحبها.

٢- أسهم لحاملها، وهي التي لا يذكر فيها اسم مالكها، ولكن يذكر أنها للحامل، فيكون أي شخص يحمل هذا الصك هو المساهم في الشركة.

٣- أسهم للأمر، وهي التي يكتب عليها (للأمر) ، وتتداول بطريق التظهير (٧) .

أما الأسهم الاسمية، فلا خلاف في جوازها، لأنها صكوك تحمل اسم صاحب الأسهم وتثبت ملكيته لها وهذا هو الأصل في الشركة – شرعًا (٨) .

ولا خلاف في عدم جواز إصدار الأسهم لحاملها، لجهالة الشريك، وذلك يفضي إلى النزاع والخصومة كما يؤدي إلى إضاعة الحقوق. فإذا استولى عليها مغتصب أو ضاعت والتقطها إنسان آخر، فإن حاملها سيصير شريكًا في الشركة من غير وجه حق (٩) .


(١) المجموع: ٩/٢٦٥.
(٢) وانظر: قواعد ابن رجب: ص ٧٤.
(٣) المغني: ٥/١٢٤، معجم الفقه الحنبلي: ١/٤٧٩، نهاية المحتاج: ٥/٦، جواهر الإكليل: ٢/١١٥، ابن عابدين: ٣/٣٤٠.
(٤) ابن عابدين: ٣/٣٤٠، درر الحكام: ٣/٣٨٧٢.
(٥) الدسوقي: ٣/٣٤٨، جواهر الإكليل: ٢/١١٦، مغني المحتاج: ٢/٢١٣.
(٦) انظر: المغني: ٥/١٢٤، ابن عابدين: ٣/٣٤٠.
(٧) التظهير: بيان يدون على ظهر الصكوك الإذنية، إما بقصد نقل ملكية الحق الثابت في الصك من المظهر إلى المظهر إليه، أو بقصد توكيل المظهر إليه في تحصيل قيمة الصك، أو بقصد رهن الحق الثابت في الصك للمظهر إليه، انظر: الموسوعة العربية: ١/٥٣٠.
(٨) انظر: الشركات: ٢/٢٢٠، شركة المساهمة: ص٣٥٤، عمل شركات الاستثمار: ص١٦١.
(٩) المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>