أما الشكل الآخر الذي شهد التطور كذلك إلى جانب وجود الأسهم فإنه يتمثل في الرديف المحرم بالمفهوم الإسلامي وهو السند ذو الفائدة.
ذلك أن المعلوم أن السهم هو حصة مُشارَكة في ملكية الشركة، وأما السند فهو حصة إقراض للشركة، وفي الوقت الذي يأخذ فيه المالك نصيبا من العائد المتحقق ربحًا، فإن المقرض يتقاضى عائدا من المقترض بصفة فائدة والتي تعتبر أنها من الربا الحرام ومهما اختلفت الأشكال والأنواع والمسميات.
وكما تطورت سوق الأسهم واتسعت آفاقها ومجالات عملها، كذلك تطورت سوق السندات وتعددت أشكالها وأنواعها حتى برز من بينها سندات الفائدة المتغيرة وسندات الفائدة المخصومة من أصل القيمة عند البيع المبتدأ وهي السندات التي ظن بعض المأسورين أنهم يستطيعون بها أن يحتالوا على بعض الناس أو أن يخادعوا رب الناس بهذه الأوهام العارية عن كل غطاء.
وقد اشتركت في إصدار سندات الفائدة الشركات المساهمة الكبيرة والمؤسسات المالية العامة والخاصة والحكومات المحلية والسلطات النقدية المركزية حيث اختلطت هذه السندات بعضها ببعض سواء كانت سندات تعطي الفائدة كجزء مقتطع من الأرباح في حالة الشركات المنتجة أم كانت سندات تعطي الفائدة كعائد على القرض الذي اتخذ صورة السندات تسهيلا لتجزئة المال المقترض.
غير أن هناك نوعا جديدا من السندات الذي أطلق عليه اسم سندات المقارضة وذلك على أساس أنها تمثل حصة امتلاك في مشروع أو جملة مشاريع معينة حيث يتحول رأس المال الموزع على صورة حصص إلى سندات ملكية يخضع فيها رأس المال المدفوع لكل ما يخضع له رأسمال المضاربة من موجبات شرعية. ورغم سلامة هذا التصوير الذي أقره مجمع الفقه الإسلامي لسندات المقارضة باعتبارها تمثل حصة شائعة في ملكية المشروع المخصصة له، إلا أن الأمر ما يزال مختلطا على بعض أهل الفكر الإسلامي الذين لم يغوصوا إلى عمق المفاهيم الشرعية للتمييز بين ما يجوز وما لا يجوز في مقاطع الحقوق والشروط.
وقد تعرض الباحث لمثل هذا الهجوم الشكلي عندما طرح فكرة إصدار السندات المقارضة في المملكة الأردنية الهاشمية عام ١٩٨٠ حيث اعتبر بعض المتدخلين على الفقه الإسلامي أن كلمة السند بحد ذاتها حرام لا يجوز أن تستعمل بهذا المقام رغم أن المفهوم اللغوي للسند هو الوثيقة وأن الحل أو الحرمة إنما تتقرر بالوصف أو الإضافة. فسند القرض أي وثيقة القرض حلال بحد ذاتها ولكن إذا كانت سند قرض بفائدة فإن الحرام هو الفائدة وليس أصل القرض ولو كان السند سند قرض حسن مثلا فإن ذلك السند يكون حلالا.